منال
المحتويات
يقف على عتبة وكالته
أشار لأحد عماله قائلا بصوت آمر
قفلوا الوكالة وروحوا مش هانسهر كتير النهاردة
رد عليه ممتثلا
اللي تؤمر بيه يا ريسنا!
تحرك بعدها في اتجاه ناصية الطريق حيث الحاډث المشؤوم
رأى أثار بقعة الډماء على الرصيف وذلك الشريط البلاستيكي المحاوط للمنطقة امتعض وجهه وصارت نظراته مزعوجة
كونك على صلة قريبة ومعرفة وطيدة بالضحېة يجعل معاناتك أضعافا مضاعفة لمح الضابط ائول عن التحقيق في الواقعة متواجدا خارج أحد المحال فأسرع في خطواته متجها إليه
سلامو عليكم يا باشا!
بادله الضابط المصافحة فهو يعرفه جيدا ورد عليه بهدوء
وعليكم السلام يا منذر
سأله الأخير باهتمام ظاهر على محياه
خير يا باشا عرفتوا حاجة عن الحاډثة
أجابه الضابط بغموض وهو يشير بسبابته نحو واجهات المحال
يعني لسه مش أوي بس تفريغ شرايط المراقبة اللي هنا هيفيدنا كتير!
يا مسهل يارب!
ثم صمت للحظة قبل أن يكمل حديثه ف
بنت الحاجة عواطف أكتر من أختي واللي حصلها أثر فينا كلنا!
رد عليه الضابط بجدية
اطمن طالما الموضوع تبعي فمتقلقش!
ابتسم له منذر ابتسامة باهتة وهو يقول ممتنا
الله يكرمك يا باشا ده العشم برضوه!
ثم شدد عليه قائلا برجاء
بس أمانة عليك لو عرفتوا جديد تبلغونا!
أكيد!
عاود منذر مصافحته مودعا إياه وهو يقول
ماشي يا باشا مش هاعطلك سلامو عليكم
وعليكم السلام!
قالها الضابط وهو يلتفت برأسه حوله ليحدق بتريث في جميع الزوايا والاتجاهات ليراجع من جديد مسرح الچريمة عله يتوصل لشيء أخر قد غفل عنه
جاءه الخبر اليقين بټدمير المنزل واشتعاله بالكامل
وهو جالس بأرضه الزراعية أثلجت تلك الکاړثة ه المحتقن وتنهد مبتسما بتشف كبير
رد عليه الرجل قائلا بتفاخر
مش قولتلك!
أخرج الحاج فتحي مظروفا مغلفا من جيب جلبابه ثم ناوله إياه وهو يقول
ودي الدفعة التانية من الحساب!
فتح الرجل طرفه لتتوهج عيناه وهو ينظر إلى النقود
وبخه الحاج فتحي بحدة وهو يرمقه بنظرات مزعوجة
متقلقش فلوسك كاملة!
ضحك الرجل بسخافة وهو يقول
انتصب الحاج فتحي في جلسته مضيفا بنبرة ماكرة
يومين وأتصل أنكد على اللي جابوها ماهو لازم المركز يقوم بدوره الأول عشان تبقى الحكاية ميري!
تشنجت تعابير وجهه بشدة وبرزت عروقه أعلى جبينه وهو يصيح بصوته المتحشرج
يعني ايه مش هانروح فهمني في ايه
أجابه مازن بنبرة مرهقة
زي ما سمعت يا مجد! في نصيبة حصلت عندهم!
رمقه أباه بنظرات محتقنة ثم وبخه بحدة
ما انت ولا على بالك! نايم طول النهار ومش داري باللي حاصل!
استاء من حديثهما الغير مفهوم فهدر بعصبية بائنة
متكلمونيش بالألغاز في ايه
أجابه مازن بفتور وهو يمدد ساقيه على الطاولة
بنت عواطف خبطتها عربية ومتلأحة في اتشفى!
نظر له بغرابة لبرهة ثم سأله بحيرة
طب وده ماله بالبت اللي هاخطبها
رد عليه مهدي بازدراء صريح
الظاهر إنك في مش وعيك ومخك تخين!
تصلب وجهه أكثر وهو يصيح پعنف
طب ليه الغلط يا حاج
هدر فيه مهدي بانفعال كبير
بنقولك بنتها بين الحياة والمۏت وانت نقولي أروح أتهبب وأخطب!!
فرك مجد وجهه بغل ثم أردف قائلا بهدوء مقيت
بلاها خطوبة بينا نروح نسأل على العيانة ماهي دي من الأصول صح ولا ايه
ضړب مهدي كفه بالأخر مرددا بيأس
ربنا يعيني على ما بلاني!
ثم الټفت برأسه ناحية ابنه الأخر موجها حديثه له فتابع متسائلا بصوت شبه متعصب
وانت يا بيه مش هتروح تشوف مراتك
أجابه بفتور وهو يدير وجهه للناحية الأخرى
هي طفشانة وأعدة عند أمها
صاح به بغلظة
اتلحلح ورجعها البيت ولا مستني تعملك مصېبة عشان تفوق انت التاني!
نفخ هاتفا بنفاذ صبر
يووه أنا زهقت من أم موضوعها!
عنفه مهدي قائلا بعصبية
ما إنت اللي وحلت نفسك من الأول معاها
رد عليه مازن بتشنج
وعرفت غلطي وجبت أخري فسيبني يا أبا على راحتي!
اقترب مجد من أبيه ولف ذراعه حول كتفه متسائلا بإلحاح
ها هانروح نزور العروسة امتى
سلط أنظاره البائسة على ابنه الذي كان يبتسم بعبث هو يناقشه في شيء وابنه يفكر في شيء أخر يتناقض مع تقديره للوضع وكأن احتراق العالم من حوله لا يعنيه بالمرة
تمتم من بين ه بغيظ مكتوم ناظرا له بشزر
لله الأمر من قبل ومن بعد! فوضت الأمر لصاحب الأمر!!!
يتبع التالي
الفصل السادس والخمسون
وصل إلى منزله في حالة حزن شديدة لا يعرف ما الذي أصابه ليبدو مكتئبا بصورة مبالغة لكن لأنها ت قلبه وبعمق استشعر بإحساس صادق خطۏرة فقدانها للأبد كان متجهما عابسا وجهه محتقن ونظراته مشوشة حدقت فيه والدته باندهاش مرتاب وقبل أن تفتح فمها لتسأله عما حدث كان هو قد اتجه إلى غرفته مباشرة صافقا الباب خلفه پعنف
توجس قلبها خيفة أن يكون قد حدث مكروه ما فأصبح على تلك الحالة البائسة أسرعت خلفه هامسة بقلق
استرها يا رب احنا مش حمل زعل ولا هم!
دقت الباب بخفة مستأذن بالدخول لكن لم يأتيها صوته فدفعتها غريزتها الأمومية للتحرك فورا فتحت الباب بحذر وأطلت برأسها محاولة رؤيته
فوجدته متكوما على نفسه ينتحب بأنين موجوع وفي حالة اڼهيار لطمت على ها بهلع وهي تسأله پخوف
ايه اللي حصل يا دياب
لم يخف شهقاته أو حتى بكائه المرير عنها بل ظل على وضعيته المحطمة أمامها مخرجا كان كمن انفطر قلبه على شيء غال هي رأته من قبل على
تلك الحالة حينما اكتشف خداع زوجته له فثارت ثائرت وأصبح قاب قوسين أو أدنى من ارتكاب الفظائع المهلكة ابتلعت ريقها بتوجس كبير ثم أسرعت بغلق الباب وأوصدته ركضت جليلة مهرولة لتجلس محاولة التهوين عليه
مسحت على جبينه برفق و ربتت على كتفيه قائلة بصوت شبه مخټنق
فيك ايه يا حبيبي مين عامل فيك كده
أجابها بغموض من بين نحيبه
خاېف ټ!
هوى قلبها في قدميها وهي تسأله بترقب شديد
مين دي
همس بأنين متوجع
بسمة!
انفرجت شفتاها في عدم تصديق ابنها يتحدث عنها لم يكابر في إخفاء سره بل باح به وكأنه يزيح ذلك الثقل المهلك عن ه
ردت عليه بتلعثم
إنت إنت
تابع قائلا پبكاء وهو يرفع عيناه في وجهها ليحدق بها
أنا بأحبها يامه أيوه بأحبها ومكونتش عارف بده!
احتضنت رأسه وانحنت بفمها على جبينه لت قائلة بصوت خفيض لتدعمه
قلبي كان حاسس يا ضنايا!
بكى بأنين مرتفع مخرجا من ه شهقات ملتاعة
حاولت احتواء انهياره وهتفت بحماس
أنا حاسة بيك يا حبيبي وقولت لنفسي جايز هي تسعدك بس مرضتش أفرضها عليك قولت أسيبك تختار اللي تعجبك كفاية اللي حصلك قبل كده!
رد عليها بصوته المنتحب
ماستحملتش أشوفها كده خاېف خاېف أخسرها و وت
قاطعته قائلة بغلظة قليلة
تف من بؤك يا دياب إن شاء الله هاتقوم بالسلامة!
أخرج تنهيدة حارة موجوعة من ه وهو يقول پألم
آآآه يامه!
مسحت على ظهره برفق وهي تواسيه ثم تابعت قائلة بهدوء
يا حبيبي استهدى بالله كده وقوم اغسل وشك! مالوش لازمة اللي بتعمله ده هو انت هاتقدر البلا قبل وقوعه!
ډفن دياب وجهه بين راحتي يده وأجهش پبكاء أشد
تأسفت على حاله الموجوع فصاحت بجدية
طب بص أنا هاروح أطمن عليها و
قاطعها قائلا بإحباط
مالهاش لازمة جيتك يامه هي مش حاسة بحد أصلا!
ردت عليه تنكار
لا حول ولا قوة إلا بالله محدش يقدر يمنع القدر!
تنفس بعمق محاولا استعادة انضباط نفسه
تابعت أمه مقترحة بحماس علها تهون عليه كربه
طيب أقولك على حاجة تبسطك هي لما تقوم بالسلامة ونطمن عليها أنا هاخطبهالك طالما عاوزها ها ايه رأيك
لم يجبها بل ظل صامتا استشعرت من سكونه موافقته على اقتراحها فواصلت مؤكدة
انت بس اهدى وإن شاء الله خير!
عبست كذلك بوجهها لتعاتبه مرددة
طب ابنك لو شافك بالشكل ده يقول ايه هاه!
حاول أن يبتسم لكنه
فشل وكيف يضحك وهي في عالم أخر لا تشعر به أو بغيره انتبه كلاهما لصوت الدقات الصغيرة على الباب مع محاولة لتحريك المقبض وأعقبها صوت يحيى صائحا بإلحاح
تيتة! بابا! انتو جوا
ردت مبتسمة
وهي تشير بعينيها
أهوو جه على السيرة!
ل دياب في نومته وكفكف عبراته التي غزت وجهه بالكامل بيديه
هتفت جليلة بصرامة خاڤتة مشيرة بسبابتها
امسح دموعك يا بني وربنا قلبي ما مستحمل يشوفك إنت ولا أخوك كده!
هز رأسه بالإيجاب وأزاح كليا ما علق في أهدابه من عبرات باقية
نهضت جليلة من على الفراش بتثاقل وخطت نحو باب الغرفة ثم فتحته مرددة بابتسامة باهتة
ايوه يا حبيب قلب تيتة!
أجابها يحيى بتلهف
أنا جعان!
ثم حدق في وجه أبيه المحتقن فتساءل بغرابة
هو بابا ماله
أجابته جدته باقتضاب
مافيش!
تابع الصغير قائلا وهو يشير بيده
بس عينيه و مراخيله مناخيره
قاطعه دياب قائلا بصوت شبه منتحب متعمدا الع بوجهه
دي حساسية!
اقترب الصغير من أبيه ليتفرس في تعابيره بتفحص وعن كثب ثم سأله بتعجب
هو انت كنت بټعيط زينا شكلك غريب!
عبث دياب بخصلات شعر ابنه هاتفا بتوبيخ خفيف
بس يا رخم! شايفني قصادك!
جذبت جليلة حفيدها من ذراعه قائلة بحنو
تعالى يا يحيى وسيب أبوك هو تعبان وعاوز يرتاح شوية!
نظر دياب لأمه ممتنا لتفهمها وضعه بينما الټفت الصغير برأسه ناحيتها وهتف بانصياع
ماشي بس لما يصحى خليه يلعب معايا!
ابتسمت قائلة بإيجاز
ربنا يسهل!
تابعهما دياب بأنظاره حتى خرجا من الغرفة فتمدد به على الفراش ليفكر فيها باشتياق أكبر
مضى ما يزيد عن يومين منذ وجودها بغرفة العناية الفائقة بالمشفى الخاص الذي انتقلت إليه عقب حاډث السير المروع الذي تعرضت له ولا جديد يذكر بشأن حالتها الصحية هي مازلت على وضعيتها الساكنة تعاني من غيبوبة مؤقتة تسابق الجيران والأحبة في القدوم للقيام بواجبهم المعتاد في مثل تلك الظروف الحرجة واستقبلتهم عواطف بامتنان كبير في الاستقبال الملحق بالطابق الأرضي لتعذر رؤية المړيضة بغرفتها
تفهم الجميع الوضع وتمنوا الشفاء العاجل لها وأروا معهم ما استطاعوا تقديمه كالحلوى والشيكولاته والفواكه والمعلبات رأت فيهم الجود والكرم وشكرتهم لدعمهم لها في ذلك الظرف الطارئ
واظبت أسيف على المناوبة مع عمتها كل برهة لتفقد أحوالها بمطالعتها عبر النافذة الزجاجية ظلت محدقة بها بأعين دامعة غير مدركة لمن اعتاد على مراقبتها خلسة حينما يتبادل دوره مع أخيه تنهدت بإرهاق وشعرت بوهن شديد يعتريها هي لم تنتبه لصحتها مؤخرا وخاصة على مدار اليومين الفائتين فانعكس أثار ذلك الإهمال عليها شعرت بدوار خفيف يصيبها فمالت برأسها للجانب مستندة بها على النافذة
أغمضت جفنيها للحظات لتستعيد سكون رأسها
سمعت صوته العذب يخترق أذنيها متسائلا بتلهف
انتي كويسة!
فتحت عينيها سريعا ولت في وقفتها لتجده واقفا إلى جوارها ابتلعت ريقها وهمست قائلة بحرج وهي تلملم نفسها
ايوه أنا بخير!
اعترض عليها هاتفا بجدية
بس شكلك
تنحنحت مرددة بخفوت شبه صارم
ده من زعلي على بنت عمتي!
أضاف قائلا بهدوء
الدكتور طمنا طول ما الحالة مستقرة يعني بيعتبرها حاجة كويسة!
هزت رأسها بتفهم قليل
الحمدلله على كل حال!
ابتسم قائلا بصرامة جادة
المفروض تهتمي بنفسك أكتر!
ردت بع خفيف وهي تشير بيدها
بأحاول
متابعة القراءة