منال

موقع أيام نيوز

حدق في أوجه المارة الذين يمرقون على الرصيف الملاصق للمقهى بنظرات حادة غير مكترث بهم 
الټفت قليلا برأسه للجانب ناظرا بطرف عينه وهو يهتف بصوته المتحشرج 
غير الفحمة ياض!
رد عليه صبي المقهى بهتاف مرتفع 
حاضر يا معلم مجد! وعندك واحد حجر وصاية للمعلم أبو النجا كبير المنطقة وصلحه!
لمحته من على بعد وهي تتحرك بخطى حذرة في اتجاه المقهى التوى ثغرها بابتسامة خبيثة فقد أوشكت على فعل ما تريد 
جمدت تعابير وجهها كي لا يظهر تلهفها ثم أسرعت في مشيتها نحوه 
وصلت إليه فأخفضت يدها المتشبثة بحافظة نقودها وهتفت بهدوء حذر 
أستاذ مجد عاوزاك في كلمتين!
حجب ظلها أشعة الشمس عنه فاستدار ببطء نحوها 
نفث بغزارة في وجهها وهو يرمقها بنظرات متفحصة لها 
سألها بصوت ثقيل 
انتي مين وعاوزة ايه
ردت عليه بجمود وهي تضع يدها على منتصف خاصرتها 
مش معقول ماتكونش عارفني 
هتف بتهكم 
محصليش الشرف!
انتصبت في وقفتها قائلة بتفاخر ملحوظ 
عموما أنا بنت الحاجة عواطف خورشيد أكيد عارفها!
رد عليها بإهانة مسيئة 
أها الولية الخرفانة دي!
اغتاظت من سبابه لوالدتها
فهتف ملوحة في وجهه بصوت محتد 
ما تتكلم عدل عن أمي!
طرق بعصبية خرطوم أرجيلته على الطاولة الخشبية الصغيرة صائحا فيها بغلاظة شرسة 
جرى ايه يا ولية إنتي التانية جاية لحد عني وهتلبخي أنا لساني زفر ومابيفرقش معايا 
ردت عليه بعصبية قليلة 
ما إنت اللي غلطت الأول
نفخ بغيظ وهو يلتقط بكفه 
اللهم طولك يا روح لخصي في أم يومك ده!
ردت عليه على مضض وهي تضم كفيها معا 
ماشي منذر حرب!
وكأنها بلفظها لاسمه هذا قد أوقدت نيران غضبه المكتومة بداخله فتشنجت تعابير وجهه للغاية واشتعلت عيناه بوميض محتقن 
أعاد ضړب الطاولة بخرطوم الإرجيلة بانفعال واضح وهو يردد بسخط لاذع 
يادي اليوم ال اللي مش عاوز يعدي جيبالي سيرة ابن ال ده ليه!
تأففت من كلماته النابية وعبست بوجهها قائلة بحذر 
اسمعني للأخر احنا مصلحتنا واحدة
نظر لها شزرا وهو يرد باشمئزاز ساخر منها 
مصلحتنا هأو يا مصلحة ومع مين مع ال ده!
عنفته على طريقته قائلة بصوت مزعوج 
أعوذو بالله من لسانك ده! مشرط الله أكبر!
رد عليها مجد بنفاذ صبر 
قلبتي نافوخي يا ولية انتي وطيرتي الحجرين اللي بأظبط فيهم من الصبح!
جلست على المقعد الشاغر المجاور له وهتفت قائلة بخبث 
خلاص اصبر وهاقولك اللي عاوزاه!
صاح بها باقتضاب متجهم 
انجزي!
توهجت حدقتيها بوميض شيطاني وهي تستأنف حديثها قائلة بتريث 
شوف يا سيدي دلوقتي إنت مش بتطيق سي منذر صح
أغضبه وصفها لغريمه اللدود بلقب ال سيد
سيدك هو مش أنا يا حرمة!
ابتلعت إهانته على مضض وردت بنبرة مكفهرة متحاشية إغضابه 
ماشي ماشي بس بلاش طولة لسان معايا أنا هاجيلك في الكلام!
صاح بها بتأفف 
اخلصي يالا!
أخفضت نبرتها لتبدأ في شرح خطتها الماكرة قائلة 
كل الحتة عارفة العداوة اللي بينكم وفاهمين كويس إن عمركم ما هتبقوا حبايب ولا هتتصافوا أبدا إنت عاوز تضره زي ما هو بيضرك بس لو عاوز تعلم عليه صح يبقى تاخد منه البت اللي هو حاطط عينه عليها!!!!
انتبهت حواسه لتلك الكلمة الأخيرة وتحفزت الډماء بداخله على ذكر الموضوع ثم ردد من بين ه 
بت!
ابتسمت هي لنجاحها في الحصول على اهتمامه وتابعت قولها بهدوء مريب 
أها هي بنت خالي بس تطيق العمى ولا تطيقه وهو عمال يتمحك فيها بس هي مش مدياله ريق خالص!
ضاقت نظراته للغاية حتى باتت غير مريحة ثم الټفت نحوها متسائلا بخبث 
مين دي
التوى ثغرها بابتسامة عابثة وهي تجيبه مشيرة بحاجبيها 
أسيف رياض خورشيد
نفخ دخان الأرجيلة الذي استنشقه منها دفعة واحدة وهو يردد باهتمام 
خورشيد! الاسم مش غريب عليا أنا فاكر إني قريته هنا!
أزالت حيرته سريعا بترديد 
يكونش قصدك على الدكان بتاعنا
أومأ برأسه إيجابا وهو يقول بحماس 
أيوه هو الدكان
تنهدت بحرارة أمامه متعمدة استفزاز أحاسيسه اتشاطة من غريمه 
ماهي شريكة فيه مع حبيبك!
تجهم وجهه وهو يردد بنبرة قاتمة 
حبيبي!
أوضحت برقة مصطنعة 
قصدي سي منذر!
حل الوجوم على قسماته بالكامل وصمت لبرهة يفكر فيما قالته بتمعن شديد 
فرك طرف ذقنه بيده متسائلا بغموض 
وانتي هاتستفيدي ايه من الحكاية دي كلها
أجابته بفتور وهي تهز كتفيها 
ولا حاجة أنا بأعمل معروف لله!
كركر ضاحكا بصورة مستفزة وهو يضيف ساخطا 
معروف لأ ضحكتيني يا ولية!
نهضت من على المقعد قائلة بعدم اكتراث 
عموما فكر براحتك في اللي قولته ولو ملكش الغرض بناقص خالص

كأنك ماشوفتنيش ولا سمعت حاجة!
ثم تغنجت ها متابعة وهي تلوح بذراعها 
سلامو عليكو يا معلم مجد!
سلط عليها أنظاره المظلمة حتى اختفت من أمامه 
أرجع رأسه للخلف
وماله! هاشوف البت دي !!!
يتبع التالي
الفصل الحادي والخمسون
هي تخطت حاجز اللامعقول بمراحل جمة كانت فرحتها تتجاوز عنان السماء فالأمر بالنسبة لها لم يكلفها سوى بضعة كلمات منتقاة بعناية استخدمتها مع الخصم المناسب لتشعل من خلاله فتيل الحړب من جديد نعم هي كانت كمن تحالف مع الشيطان من أجل أهوائه المړيضة تباهت بمآثرها من خلال تبخترها في مشيتها وكأنها ملكت الأرض ومن عليها تنهدت بحرارة متفاخرة بما أنجزته اليوم 
هي تشبه رأس الأفعى في تفكيرها الوضيع الذي خططته ببراعة شرسة وفي تنفيذها له بدهاء ماكر لتضمن على عدوتها في لحظة مباغتة لطالما انتظرتها بتأن شديد سارت نيرمين مبتعدة عن المقهى الشعبي وهي تبتسم بتشف بائن على محياها لم ترغب حتى في إخفائه فاليوم هي ظفرت بانتقامها القاسې منها ووضعت في دربها من لن يتركها إلا في حالة واحدة أن تصبح چثة هامدة 
وضعت هاتفها على أذنها بعد أن اتصلت برقم والدتها وانتظرت بترقب ردها عليه أرادت ألا تثير الشبهات حولها وأن تبدو كالحمل الوديع أمام عائلتها 
أتاها صوتها من الطرف الأخر متسائلة
خير يا نيرمين في حاجة
أجابتها بتلهف مصطنع
بأقولك ايه يا ماما أنا عند ثابت بتاع القماش ماتيجي بالمرة تشوفي اللي انتي عاوزاه!
اعترضت أمها قليلا مبررة
بس أختك لسه جاية وآ 
قاطعتها نيرمين قائلة بإصرار
يالا يا ماما يعني دي غلطتي إني اتصلت وأعدة مستنياكو خلاص بلاه 
خاڤت عواطف من ڠضبها فهتفت مستسلمة
طيب طيب هانلبس ونجيلك على طول!
التوى ثغرها بابتسامة شيطانية بعد تحقق مرادها وهي ترد
ماشي سلام!
قررت أن تتجول بعدها بالأسواق لتضيع وقتها ريثما تأتي والدتها لمحل القماش مع عدوتها فتفسد عليهما الأمر هناك لقد عقدت العزم على ألا تترك أي فرصة تسنح لها لتنغيص حياة أسيف مهما كلفها الأمر المهم بالنسبة لها أن تجعلها تعاني وتقاسي حتى تستسلم وترحل عنها للأبد  
ظل يفرك جلد ه يجذبه تارة ويرخيه تارة أخرى وهو يفكر مليا فيما بخته تلك الأفعى من سم قاټل في أذنيه نفث بتريث مهلك دخان الأرجيلة مشكلا حول وجهه سحبا كثيفة كل ما أراده هو إشعال غريمه وتكبيده الخسائر الفادحة قبل أن يطيح به نهائيا 
تجشأ مجد بحشرجة جلية ثم تمتم من بين ه بعد أن حسم أمره
وماله احنا خسرانين ايه!
هتف صائحا بصوت مرتفع وخشن
واد يا حودة تعالى ياض!
أتاه على عجالة أحد صبيانه التابعين له وهز رأسه
قائلا
أوامرك يا معلم مجد!
أدار رأسه ببطء ناحيته ثم هتف فيه بصلابة
عاوزك تستقصى على السريع كده عن حاجة تخصني
رد عليه ممتثلا
ماشي يا معلمي! عاوز تعرف ايه
انتظر مجد لثوان قبل أن يجيبه بغموض مريب
دكان خورشيد!
أوصدت عليها باب المرحاض لتواصل بداخله بكائها المحتقن تمنت لو ثأرت في لحظتها لكرامتها المهدورة على يده كورت أصابعها معا ضاربة پعنف على حافة الحوض وهي تمتم لنفسها بغيظ مكتوم
ليك يوم يا دياب معايا ليك يوم!
تهدجت أنفاسها بسبب بكائها المخټنق ففتحت الصنبور على أخره لكي يغطي صوت خرير الماء المنهمر على صوت شهقاتها المغتاظة ملأت كفيها بالمياه وغسلت وجهها عدة مرات لتندمج عبراتها الساخنة مع القطرات الباردة 
دقت عواطف الباب عليها هاتفة تغراب
مالك يا بسمة في حاجة
رد عليها بصوت مبحوح لكنه حاد
لأ مافيش!
بررت عواطف سبب اندهاشها قائلة
أصلك جيتي من برا ډخلتي الحمام على طول فقلقت عليكي و 
قاطعتها بسمة بصوت متصلب
ولا حاجة! بس بطني ۏجعاني شوية!
هتفت أمها متسائلة باهتمام
طيب أعملك ينسون ولا كراوية
صاحت رافضة بإصرار
مش عاوزة حاجة! دلوقتي هابقى كويسة
ردت عليها عواطف بهدوء
سلامتك يا حبيبتي أنا خلصت الغدا وهانزل أنت وبنت خالك تحت شوية عند ثابت
بتاع القماش تحبي أغرفلك قبل ما أنزل
رفضت هاتفة
مش عاوزة حاجة أنا هادخل أنام!
استسلمت لعنادها قائلة بتنهيدة مسموعة
طيب يابنتي اللي يريحك! 
استندت بسمة بكفيها على حافة الحوض وحدقت بأعينها الدامعة في انعكاس صورتها بالمرآة ثم همست لنفسها بنبرة مخټنقة
ربنا ېحرق دمك زي ما حړقت دمي يا دياب!
نفض تلك الفكرة المچنونة عن عقله وهب واقفا من مكانه مستنكرا ما استنبطه عقله اعتراف مثير ومركب في آن واحد دفع مقعده بعصبية للخلف وذرع المكان جيئة وذهابا معنفا نفسه على ما باح به لنفسه 
ازدرد ريقه قائلا بتوتر خاڤت
لالالا مش معقول! أنا طب ازاي أكيد دي تخاريف!
بدت تعابير وجهه مزعوجة للغاية وتصرفاته مبالغا فيها وهو يدور حول نفسه بالوكالة حائرا فرك وجهه بعصبية وحك مؤخرة رأسه باضطراب أكبر 
لم يشعر بمثل هذا التخبط من قبل بل إنه لم يمر بتلك التجربة مع زوجته الراحلة ربما اعتاد على وجودها معه كونها شريكة حياته لكن الحب الحقيقي الصادق الذي يخفق له القلب لم ينبع منه نحوها 
مجرد مودة ورحمة وألفة بين زوجين حاصرتهما مشاكل الحياة والإنجاب لتقضي على تلك البذور الطيبة قبل أن تزدهر وتنبت 
تعجب رجاله من حالته المريبة وتساءلوا فيما بينهم عما يقلقه 
همس أحدهم بحذر
يكونش في مصېبة جديدة
أجابه رفيقه بفتور
مش عارف بس طول ما ابن أبو النجا موجود فمش تستبعد حاجة
وافقه الأول الرأي مؤكدا
على رأيك ده داهية من الدواهي السودا اللي ابتلينا بيها!
حذرهما ثالث قائلا بټهديد خفيف
طب ركزوا في شغلكم أحسن بدل ما الريس منذر ياخد باله ونسمع كلمتين مالهومش لازمة!
ماشي!
احنا نازلين يا بسمة!
هتفت عواطف بتلك العبارة وهي تتجه نحو باب المنزل وبصحبتها أسيف 
ردت عليهما الأخيرة بصوت مرتفع من داخل المرحاض
طيب!
تابعت عواطف مؤكدة بجدية
مش هنتأخر نامي انتي لحد ما نيجي يا حبيبتي
أجابتها بسمة بضجر
ماشي يا ماما خلاص بقى
استمعت هي لصوت غلق باب المنزل فأكملت تجفيف شعرها المبتل بالمنشفة تنهدت بتعب ومالت برأسها للأمام لتتفحص تلك الانتفاخات البارزة أسفل جفنيها عبست بوجهها منزعجة من شكلهم ثم لت في وقفتها وألقت بالمنشفة في السلة المخصصة للثياب المتسخة 
فتحت الصنبور الأرضي وملأت الدلو بالمياه الممزوجة بمساحيق التنظيف لكي تنظف به الأرضية الرخامية بعد استحمامها خرجت من المرحاض مهرولة في اتجاه غرفة نيرمين على إثر صوت بكاء الرضيعة المرتفع صدمت لرؤيتها بالفراش فقد ظنت أنها مع والدتها أو أسيف 
شهقت مذعورة لتركها بمفردها وكأن وجودها لا يعني أي شيء لمن بالمنزل 
أسرعت ناحيتها تحملها هاتفة تنكار
والله حرام اللي بتعملوه فيها سايبين الملاك دي لواحدها كده افرض جرالها حاجة!
احتضنتها بسمة برفق وأمطرت وجهها الضئيل بال الحنونة
تم نسخ الرابط