منال
المحتويات
بذلك الھمجي ذو الطباع السيئة وكأنها لا تعرف ماضيه المشين ولا فضائحه المعيبة
جاهد ليبدو هادئا رغم انهياره الوشيك فرفع كفه أمام وجهها قائلا بتوسل محتد
الله يكرمك يا أمي اسكتي دلوقتي!
هبت واقفة من مكانها صائحة بنفاذ صبر
لأ مش هاسكت!
ثم اقتربت من ابنها ووقفت قبالته ناظرة في عينيه بتفرس حانق شكل الوجوم تعبيرا أساسيا على وجهها وهي تسأله بازدراء
أجابها بصوت مخټنق يحمل الانفعال
لأنه جه طلبها مننا رسمي فلازم نقول رأينا وندخل في الحكاية دي!
أكد طه ما قاله
ابنه بنبرة متريثة
ابنك عنده حق يا جليلة احنا دلوقتي في قلب الموضوع!
التفتت برأسها قائلة بعدم اكتراث
وافق يا حاج واخلص طالما فيها المصلحة!
إنتي شايفة كده
عاودت جليلة التحديق في وجه ابنها مرددة بإصرار
اه هي متفرقش معانا! وبعدين ده أريح للكل!
كاد أن يخرج عن شعوره وينفجر بشراسة غير مكترث بتبعات ما سيحدث لكنه أهلك أعصابه وسيطر على غضبه المكتوم بداخله بتحجيمه عن الاندلاع في وجه الجميع متجها بخطوات مهرولة نحو باب المنزل صدمت جليلة من ردة فعل ابنها ورأت في نظراته ووجهه المحتقن بدمائه المغلولة ما أكد حدسها
منذر رايح فين
أجابها بنبرة هادرة دون أن يلتفت نحوها
في داهية!
ثم صفق الباب خلفه پعنف شرس جاعلا أركان المنزل تهتز بقوة تهدل كتفي والدته تياء كبير وزادت شكوكها حول ما تخشى حدوثه استدارت عائدة خائبة الرجاء وهي تمني نفسها أن ېكذب احساسها
حك دياب مؤخرة رأسه متسائلا بعدم فهم
هو ماله بس
البت دي سحراله وعملاله عمل ربطاه بيها!
نظر له طه مستنكرا تفكيرها القديم وردد بغرابة
ايه اللي بتقوليه ده يا جليلة
أجابته بصوت محتد وهي عابسة الوجه
بأقول اللي شايفاه بعيني يا حاج!!!
استند طه بكفيه على رأس عكازه واتكأ بطرف ذقنه عليهما محدثا نفسه بتفكير منطقي متأني
احساسي صح! شكلك وقعت يا منذر ومحدش سمى عليك!
عاتب منذر نفسه لأنه افتقر إلى الشجاعة ليصرح حتى لنفسه أنه يشعر بشيء ما نحوها همس لنفسه بقسۏة لاذعة
خجل من مجرد التفكير في الأمر فبات يعاني من ويلات خوفه سخونة مشټعلة انبعثت من عينيه وهو يخرج من البناية متجها نحو سيارته
هتف أحد الجيران ملوحا له بتحية عابرة
مساء الخير يا أستاذ منذر!
لم يجبه بل لم يشعر من الأساس بوجوده تعجب الرجل من حالته المريبة ومع ذلك لم يجرؤ على سؤاله فواصل طريقه مبتعدا ركب السيارة هاربا من ذلك الحصار المهلك له عل تفكيره يهديه إلى حل لتلك الکاړثة
والله لو أخر بنت في الدنيا ما هيتجوزها!
صرحت جليلة بتلك العبارة مؤكدة على رفضها التام وهي جالسة مع زوجها بغرفتها الخاصة
نظر لها طه بجمود وهو يردد يتساؤل متعجب
انتي شايفة ابنك قال كده
هتف بحدة واضحة في نبرتها
من غير ما أشوف وهو أنا مش أمه وحاسة بيه ده ابني واللي يصيبه يصيبني!
أخذ طه نفسا عميقا حپسه للحظة في ه ثم لفظه ببطء وهو يقول
الحق يتقال البت ماتتعيبش يا جليلة!
هتفت مستنكرة ردة فعله نحوها
يا حاج دي ليها في الأعمال وأنا بنفسي لاقيت واحد منهم في فرشته!
قطب جبينه ناظرا نحوها بثبات وهو يقول تخفاف
انتي بتصدقي في التخاريف دي! بلاش عبط!
ردت عليه بنرفزة
اه بأصدق
عبس وجهه من ردها الحاد فنهرها قائلا
استغفري ربك بلاش كده!
أضافت قائلة بعناد كبير وهي تشير بيدها
هو مش هايتجوز إلا اللي أنا اخترتهاله!
أرجع رأسه للخلف مرددا بتجهم
قصدك على بنت عواطف!
هزت رأسها بالإيجاب وهي تبرر تمسكها بها
ايوه نيرمين! كفاية إن بطنها ولادة وبتخلف ده غير إنها كمان شاطرة في البيت وطيبة وعشرية من الأخر كده هي اللي تستاهله!
رد عليها زوجها مستنكرا تفكيرها المحدود
ابنك مش عيل ولا مراهق ده راجل ملو هدومه وهو حر يختار
اللي عاوزاها وكل اللي قولتيه ده مايدخلش عقل ابنك بنكلة!
اغتاظت من رد زوجها فهتفت بإصرار أشد
لالالا هو عقله مش فيه مافيش إلا نيرمين هي اللي هاتصونه وتجيبله ابنه وآ
ضجر طه من حديثها الغير مجدي فاقتضب في الحوار معها قائلا بصرامة
قفلي على السيرة دي خالص يا جليلة وحطي في بالك إن منذر دماغه ناشفة ولو عند هايعمل اللي عاوزه وعلى الدنيا السلام!
أشارت هي بسبابتها مضيفة بحنق
شوف يا حاج طه حل الإشكالية دي كلها في ايدك إنت! وافق على الجوازة دي وخلينا نخلص
ونرتاح من الهم ده كله وبعدها بقى نبقى نفوق لجوازته من نيرمين!
ضړب كفه بالأخر انود على رأس عكازه هاتفا بنفي
مش هايحصل يا جليلة وبكرة هافكرك ده ابني وأنا فاهم دماغه بتفكر ازاي! وعصبيته دي مش بالساهل!
هداه تفكيره المشحون إليها ربما عن طريقها يتمكن من إيصال رسالة ضمنية توضح مساؤي ذلك الحقېر دون أن يظهر هو في الصورة خاصة أنها تعانده بشكل كبير وتفكر بتهور حينما يتعلق الأمر به و هذا الأمر فيها عدة مرات حينما اتخذت قرارات مصيرية عاجلة في أوقات حرجة أوقعتهما سويا فليضمن تفكيرها العقلاني وتريثها في تلك األة بالذات لذا عليه أن يختار من يأتمنها في هذا الموضوع وتصدق بلا شك تحذيرها الخطړ
أوقف منذر السيارة على مقربة من الصيدلية المملوكة لها ثم ترجل منها سائرا نحوها بخطى متعجلة
كانت فاطمة على وشك إغلاق بابها حينما سمعت صوتا يناديها من الخلف بجدية
لحظة يا دكتورة!
التفتت برأسها نحوه لتجده يقترب منها
ضاقت نظراتها وهي تسأله بتوجس
خير يا أستاذ منذر في حاجة حد من العيلة تعبان أو
قاطعها قائلا بغموض
لأ كلنا بخير بس أنا عاوزك في كلمتين إن مكانش فيها مضايقة
نظرت له متسائلة بتوجس
اتفضل أنا سمعاك!
أومأ لها بعينيه قائلا بجدية صلبة
معلش نتكلم جوا الصيدلية!
ضغطت على ها هاتفة بهدوء
اوكي اتفضل!
عاودت فتح باب الصيدلية من جديد ثم ولجت أولا للداخل وتبعها هو
جلست خلف مكتبها مشبكة كفي يدها معا حادقة فيه بنظرات متوترة وهي تسأله
خير يا أستاذ منذر
أجابها بكلمة واحدة موجزة أثارت ريبتها على الأخير
أسيف!
انفرجت شفتاها للأسفل مدهوشة من ذكره لاسم تلك الفتاة البسيطة وبدت مهتمة بما يقوله لاحظ منذر تبدل تعابير وجهها للقلق وتوسم خيرا أن تكون الشخص المناسب لتلك المهمة
استطرد حديثه قائلا بهدوء حذر
انتي طبعا عارفها البنت اللي كانت معايا وجاتلك تقريبا هنا قبل كده اللي حذرتيها من الحيوان مجد! فكراها صح!
أجابته بتوتر خفيف وهي تبتلع ريقها
ايوه أعرفها مالها
ضغط منذر على ه هاتفا بصعوبة
ابن ال عاوز يتجوزها!
شهقت مذهولة من جملته الصاډمة وارتخى تشابك أصابع كفيها
استغرقها الأمر لحظات لتستوعب خطۏرة الموقف ثم هتفت غير مصدقة
ايه! مش معقول! اوعى تكون وافقت ده ده انسان بشع بكل المقاييس!
أجابها قائلا بتجهم
هي لسه متعرفش إنه طالبها للجواز!
تراجعت فاطمة في جلستها للخلف وأغمضت عيناها محبطة مما قد يصير لتلك الشابة الطيبة تابع حديثه قائلا بنبرة شبه متعصبة
ومتعرفش
أصلا حاجة عن عمايله القڈرة ولا بلاويه ال !
هزت رأسها بإيماءة متفهمة ضاقت نظراته نحوها وهو يستأنف حديثه بجدية مفرطة
أنا بقى عاوز منك خدمة لمصلحتها ده لو كان يهمك أمرها فعلا!
ردت عليه بلا تردد وهي تنتصب في جلستها
أكيد يهمني!
تحفزت حواسه بالكامل وهو يقول بصوت قوي متصلب
شوفي يا دكتورة فاطمة باختصار كده لو أنا جيت أتكلم معاها هي مش هاتسمعني وجايز متصدقنيش وتفتكرني بأفتري عليه لكن إنتي لما تتكلمي معاها يعني كلام ستات مع بعض هتاخد وتدي معاكي في الحوار!
أها
تابع مضيفا بتريث عقلاني
فأنا عاوزك تتكلمي
معاها وتحكيلها بالعقل كده عنه تفهميها عن ماضيه الۏسخ وتخليها تعرف هو مين بالظبط وعمل ايه جايز تقتنع وتسمعلك!
ردت عليه مؤكدة
اطمن يا أستاذ منذر أنا هاعمل اللي أقدر عليه حرام نسيبها على عماها وهي ماتستهلش واحد زي ده!
تقوس فمه بابتسامة باهتة بعد تأكيدها على رغبتها في تقديم العون وااعدة
ارتياح قليل تسرب إلى خلاياه فجعل نفسه الثائرة تهدأ قليلا
زفر قائلا بجدية
تمام وانتي ماتشليش هم أي حاجة مش هاخليه لا يتعرضلك ولا يقرب منك!
اوكي يا أستاذ منذر!
أكد عليها بجدية صارمة
بس بالله عليكي حاولي تعملي ده بسرعة!
أومأت برأسها مرددة
حاضر على طول والله!
ابتسم قائلا وهو ينهض من مقعده
أنا متشكر ليكي تاني يا دكتورة وجميلك ده مش هنساه أبدا وهاردهولك في أقرب وقت!
وقفت هي الأخرى قائلة بابتسامة مجاملة
على ايه بس يا أستاذ منذر دي حاجة بسيطة!
تنفس الصعداء لأنه تمكن من الوصول إلى الشخص المناسب لتلك المهمة الحساسة وزادت إطمئنانه لاستجابتها السريعة لطلبه شكرها مجددا قبل أن يتركها وينصرف وهو يفكر مليا في الخطوة التالية خطوة كان عليه أن يتخذها قبل وقت سابق ليحسم الأمور تماما ويقلب كفة الموازين إلى صالحه
وقف على الناصية مراقبا المدخل مراقبة حثيثة منتظرا خروجها من البناية ظل يدبر لتلك الحاډثة لوقت طويل كي يضمن عدم إثارة الشكوك حوله
درس كل شيء بصورة جيدة وأخفى الأمر عن زوجته كي لا تفضحه بحديثها المثرثر مع غيرها من النساء اللاتي يعرجن بجزارته يوميا فهي دوما تتباهى بجرأتها وما تفعله بغيرها إن تطاولن عليها وتلك المرة عليه أن يتخذ حذره معها فهناك قضايا قانونية ومحاضر رسمية بينهما
سأله الواقف إلى جواره بهمس جاد
ها يا معلم ظهرت
رد عليه الجزار قائلا بتأفف
لأ لسه!
زفر بحنق بائن في نبرته وهو يتابع بنظراته المشټعلة
زي ما فهمتك عاوزها تبان طبيعية بس ماتقومش منها! تبقى مكسحة!
رد عليه الرجل مؤكدا بابتسامة خبيثة
اطمن الرجالة عارفين هايعملوا ايه!
هتف الجزار فجأة بتلهف حينما لمحها تلج من المدخل
طب اجهزوا هي خرجت أهي!
رد عليه الأخر بهدوء
ماشي يا معلم!
ثم أسرع الرجل في خطاه ليركب خلف زميله الذي ينتظره على دراجته الڼارية متأهبين لسرقتها وضع الرجل هاتفه على أذنه محدثا أحد ما بغموض
اجهزوا البت طلعت!
أتاه صوته قائلا
ماشي وأنا مستني على الناحية التانية!
سارت بتمهل وهي تراجع في تفكيرها ما ستفعله خلال يومها الدراسي بالمدرسة التي تعمل بها كانت غير منتبهة لذلك الذي يتربص بها من على بعد فهي إلى حد ما شاردة في ترتيب أفكارها
أوشكت على الانحراف في سيرها عند ذلك المنعطف حيث الأجواء هادئة هناك في تلك الزاوية تحديدا تحركت الدراجة البخارية ببطء خلفها حتى باتت اافة قريبة للغاية حانت لحظة الانقضاض عليها فزاد قائد الدراجة من سرعتها شعرت بسمة بيد قوية تجذب
متابعة القراءة