منال
المحتويات
بخرطوم أرجيلته على الطاولة بعد أن فرغ منها ثم نهض واقفا من مقعده قائلا بصوت متحشرج
حاسب على الطلبات يا حودة وحصلني على المطعم
أجابه صبيه ممتثلا
تؤمر يا معلم مجد!
سار بخطى واثقة فاركا ذقنه وصدغيه بحركات ثابتة في اتجاه المطعم الخاص بعائلته ليتحدث مع والده في أمرها فقد حسم أمره باقټحام حياتها بالإجبار
يالا يا بنات تعالوا نتفرج جوا!
عادت نيرمين إلى طبيعتها الشرسة في التعامل مع ابنة خالها فاستطردت حديثها قائلة بسخط
يا رب بس تعجب ست الهانم!
التفتت أسيف نحوها لترمقها بنظرات مزعوجة من أسلوبها التهكمي نحوها وأثرت الصمت من أجل عمتها فقط
ولجت ثلاثتهن إلى داخل محل الأقمشة فنهض أحد العاملين من خلف إحدى الطاولات هاتفا بترحيب
ردت عليه الأخيرة بود مألوف
بخير يابني والحمدلله أخبار الحاج ثابت ايه
أجابها العامل بإيجاز وهو يبتسم لها
تمام!
أضافت قائلة بحماس وهي تضع يديها على كتفي ابنة أخيها
ربنا يديه الصحة يا رب بص بقى عاوزين حاجة حلوة كده تليق بالبنوتة القمر دي!
اغتاظت نيرمين من احتواء أمها لها فنظرت لها بسخط مغلول
معلش يا عمتي أنا عاوزة غوامق
اعترض العامل قائلا تغراب محاولا إقناعها بالعكس
غوامق ليه بس ده حتى الألوان الفاتحة هتليق عليكي و
قاطعته نيرمين هاتفة بتهكم مهين
شوفلها أسود حاجة عندك حاجة شبه نهارها كده اللي مش بيعدي!
ارتفع حاجبي أسيف للأعلى مستنكرة ما تقوله عنها وبدا الع ظاهرا على ثغرها
نيرمين في ايه
ثم التفتت برأسها ناحية العامل قائلة بضيق
معلش يا بني شوفلها اللي هي عاوزاه!
هز رأسه بتفهم ثم اعتلى المقعد ليسحب عددا من الأقمشة الملفوفة بما يتلائم مع اختيارها
تجولت نيرمين في المحل محدجة كل شيء بنظرات احتقارية ثم هتفت قائلة باشمئزاز بائن في نبرتها
رد عليها العامل بنبرة محتقنة
ليه يا أستاذة ده احنا جايبين في المحل هنا أحسن قماش وأغلاه!
مدت يدها لتمسك بأحد الأطراف المفرودة على الطاولة ونظرت لها شزرا وهي ترد بع جلي
ماهو باين!
ثم وضعت يدها على منتصف خاصرتها متابعة بتأفف
ده معظمه شايط وبيتملع من بعضه لما بيتغسل مرتين ولا تلاتة!
نزل العامل عن المقعد واضعا ما معه من أقمشة على الطاولة وهو يرد محتجا
أكيد مش قماشنا!
بدت علامات النفور والضجر ظاهرة عليه كرد فعل طبيعي لطريقها اتفزة
حاولت أسيف امتصاص انفعاله الواضح قائلة بجمود
ركز معايا رتك أنا اللي هاشتري مش هي!
الټفت العامل ناحيتها قائلا بتبرم
تحت أمرك في عندي النوعية دي قماشتها سميكة وتستحمل وفي
نفس الوقت مش بتشف
تغنجت نيرمين بها قائلة بازدراء ساخط
أذواق تموع النفس!
ضاق العامل ذرعا منها فهتف برجاء أخير
حاجة عواطف! خلي الأستاذة تخف علينا شوية الواحد عنده مرارة واحدة ومش ناقص يسمع كلمتين زي دول!
شهقت نيرمين هاتفة بجموح وهي تشير بيدها بحركات موحية
ليه يا خويا إن شاء الله إن كان على المرارة فهي اتفقعت عندي من زمان!
على قدر اتطاع جاهد العامل ليضبط نفسه قبل أن ينفجر في وجهها وتثور ثائرته فرد عليها بنفاذ صبر وهو يزفر مغتاظا
اللهم طولك يا روح!
صاحت به بصړاخ حاد
أتكلم عدل معايا وماتنفخش في وشي!
كان الأمر واضحا للعيان فهمت أسيف أخيرا أنها تعمدت فعل ذلك لإحراجها أمام ذلك البائع حتى يرفض إتمام البيع وتفسد عليها الأمر لا تفسير منطقي لأفعالها سوى هذا
ڼهرتها عواطف قائلة بحرج كبير
يا نيرمين مايصحش كده!
نظرت الأخيرة للعامل بنظرات مهينة متعمدة إثارة عصبيته قائلة
وهي دي طريقة يتكلم بيها مع زباينه يكونش مفكر نفسه بتاع قماش بحق وحقيق ده حيالله شوية رقع ومتجمعة مع بعض!
ضړب العامل بقبضتيه على الطاولة هاتفا بنبرة محتقنة
طب ليه طولة اللسان دي وقلة الأدب أنا أقدر
قاطعته نيرمين مھددة بنبرة عدائية وهي تشير بيدها
عندك! لو فكرت بس تغلط معايا هاقلع اللي في رجلي وأشبشبلك!
لطمت عواطف على ها هاتفة بذهول
يا لهوي عليكي
ليه الفضايح دي!
ردت ببرود وكأنها لم تفتعل الأمر
إنتي مش شايفة طريقته معانا حاجة تفور الډم!
ضړب العامل كفا بالأخر قائلا بحدة مغتاظة
بأقولكم ايه شطبنا خلاص مافيش حاجة للبيع يالا اتفضلوا من هنا!
اعتذرت له عواطف قائلة بخجل
استهدى بالله يا بني حقك عليا أنا
رد عليها بجفاء شرس وهو يرمقهن بنظرات متأففة
لا حق ولا مستحق اتفضلي يا حاجة عواطف من هنا أنا لولا مقدر بس جيتك كان هيبقالي كلام تاني!
أمسكت نيرمين بعباءتها جاذبة إياها للأمام وهي ترد بحركة ساخطة مستنكرة
يامي يامي يامي تف تف تف! خوفنا يا ناس من تهديدك الأقرع ده! تقولش خارجين من الجنة ياخي!
توهجت عيني أسيف بنظرات مشټعلة وهي تحدج ابنة عمتها بهما قبل أن تندفع للخارج ووجهها ككتلة ملتهبة من الحمرة الغاضبة هي نجحت في إفساد الأمر عليها وتعكير صفوها وحړق دمائها بمهارة محترفة
هزت عواطف رأسها قائلة بإحباط مستاء
بينا يا نيرمين من هنا بوظتيها وارتاحتي!
وقبل أن تلج نيرمين من المحل وجهت أنظارها نحو العامل قائلة بضجر مصطنع
حسبي الله ونعم الوكيل!
رد عليها بتهكم مزعوج للغاية والشرر يتطاير من عينيه
زباين تقطع الخميرة من البيت!
لكزت عواطف ابنتها بقوة في كتفها على عتبة المحل هامسة بغل
هديتي دلوقتي يا ريتنا ما خدناكي معانا يا شيخة!
ردت عليها ابنتها بهدوء بارد
الله يا ماما! ده هو اللي مش عاوز يبيع!
حقا كانت مستفزة لأبعد الحدود مما جعل والدتها عاجزة عن كبحها أو حتى الرد عليها بما تستحقه لم يكن بيدها أي حيلة سوى اللحاق بابنة أخيها ليعدن جميعا خاليات الوفاض للمنزل فيما عدا نيرمين التي كانت عيناها تبرق بوميض مخيف ارتسم على ثغرها تلك البسمة المنتصرة اتمتعة بنتائج ما كادته من مؤامرات مهلكة ولم تمانع مطلقا في إظهارها أمام والدتها فجولة أخرى قد ظفرت بها وتستحق أن تتلذذ بطعم انتصارها فيها
أغلق باب المنزل خلفه مشمئزا من نفسه ومن ثيابه المبتلة كان لزاما عليه أن يعود ليبدلهم فحالته مزرية تحركت جليلة في اتجاهه لتنظر إليه بغرابة بعد عودته المفاجأة تلك
شهقت مصډومة حينما مررت أنظارها عليه وهتفت متسائلة
ايه اللي بهدلك كده
ضغط دياب على ه بقوة ولم يعقب عليها فيكفيه الحنق المشحون بداخله تجاهها
دنت أكثر
منه لتتفقده عن كثب فتساءلت متعجبة
مياه ۏسخة دي
نظر لها مغتاظا وهو يرد بضيق
لأ بأومو!
سألته بفضول أكبر وهي تضع إصبعيها على طرف ذقنها
بس مين عمل فيك كده انت وقعت في بلاعة
لوح دياب بذراعيه هاتفا بنفاذ صبر
ارحميني يامه من أسئلتك أنا
جايب جاز!
ردت عليه مستاءة من أسلوبه الحاد
يعني انت بتبقى فارد وشك برا وتقلبه هنا
رفع يديه للأعلى مستسلما وهو يضيف باقتضاب
مش هارد عليكي أنا داخل أغير هدومي أحسن!
تحرك بخطوات متعجلة من أمامها فلحقت به قائلة بجدية
البيت محتاج يتبخر وأجيبله شيخ يرقيلي كل ركن فيه إنتو محسدونين والله! ايوه محسودين!
تحولت نبرتها للضيق وهي تضيف
كفاية العمل المهبب اللي لاقيته في فرشة أخوك!
الټفت برأسه ناحيتها لينظر لها تنكار وهو يرد ساخرا
هاتي زار أحسن! ولا أقولك اتصلي بالشيخة خديجة المغربية!
نظرت له ببلاهة فعاتبه قائلا
ايه يامه جو الشعوذة اللي قلب في البيت فجأة!
ردت عليه بجدية تعجبها
انت مش فاهم حاجة خليك في أمور التجارة بتاعتك وسيبلي أنا الحاجات التانية!
وضع يده على مقبض باب غرفته هاتفا بعدم اكتراث
أنا مش فايق أصلا للتخاريف دي ورايا حاجات أهم!
هب واقفا من على الأريكة المريحة بغرفة المكتب الملحقة بمطعمه غير مصدق ما تفوه به ابنه توا ظن أنه في غير وعيه لينطق بمثل تلك الحماقات الغير منطقية
نظر له بأعين حانقة هادرا بنبرة مصډومة
انت اټجننت ايه اللي بتقوله ده!
رد عليه ببرود واثق وهو يقضم أظافره المتسخة نانه
هو الجواز عيب يا أبا!
بصق ما قطعه من أجزاء صغيرة متابعا بجمود
وبعدين أنا عاوز أكمل نص ديني!
رد عليه أباه غير مقتنع بتصريحه قائلا
لأ مش عيب بس مش بالشكل ده!
قست نظراته وهو يسأله بحدة قليلة
اشمعنى يعني
أشار مهدي بيده في الهواء بحركة متعجبة وهو يحاول تبرير اعتراضه
مش عارف أقولك ايه بس الحاجات دي ليها أصولها وبعدين انت تعرف البت أصلا يعني حصل بينكم كلام عشان تفكر فيها
تمط بذراعيه مجيبا إياه بفتور
لأ مش أوي بس هي طلبت معايا كده!
رد عليه مهدي بامتعاض
يبقى أكيد اتهبلت في مخك عشان تفكر كده!
استشاطت نظراته وهو يرد بنبرة محتقنة
جرى ايه يا أبا أنا مش هفأ! وبعدين كلها مصالح في الأخر!
ردد مهدي غير مدرك لمقصده الخفي
مصالح!
انتصب مجد في جلسته وسلط أنظاره على والده ليجيبه بغموض مريب
ايوه مش انت يا أبا عاوز العداوة اللي بينا وبين عيلة حرب تخلص ده بقى مش هايحصل إلا لما يبقى في نسب بينا!
هتف مهدي مستنكرا تفكيره
وملاقتش إلا دي!
أجابه بنبرة غير مريحة على الإطلاق وقد توهجت نظراته
دي أنسب واحدة ليا!
ابتلع مهدي ريقه مضيفا بتوجس
شكلك عاوز تغرس رجلينا في الوحل!
انتفض مجد واقفا من مكانه صائحا بصوت آجش شبه منفعل
قولي بقى انك خاېف على زعل ال دول!
وضع مهدي أصابع كفه على جبين ابنه ضاربا إياه بقوة خفيفة وهو يرد على مضض
انت مخك تخين محدش هيرضى بالجنان اللي بتقوله ده
تراجع برأسه للخلف قائلا بشراسة مھددة
أنا مخي يوزن بلد بحالها والبت دي لازماني ولو مش قابل بالجوازة دي من الأساس وماله بس أنا حر بقى أتصرف معاهم زي ما أنا عاوز إن شاء الله أجيب عليها واطيها!
استشعر والده الخطړ من كلماته الموحية بالعدوانية فنظر له بقلق ثم تابع قائلا بتردد
مجد انت ناسي أخر مرة حصل ايه مش هانكرره تاني!
أجابه تخفاف متهكم
دوكها كانت عيلة ماتسواش كويس إنها غارت وماټت!
ضاقت نظراته أكثر لتصبح مخيفة وهو يضيف بإصرا عنيد
لكن دي لأ وزي ما فهمتك المصالح بتحكم!
كان محقا في عبارته الأخيرة فهو يريد أن تستمر الهدنة بين العائلتين
ولا حاجة به لتكرار تلك المشاهد الدموية من جديد فتنهد قائلا بيأس
ايوه عارف!
تقوس فم مجد للجانب متسائلا بلؤم
ها قولت ايه
أجابه مستسلما
أمري لله!
التوى ثغره بابتسامة خبيثة بعد نجاحه في إقناعه لكن هتف والده محذرا بغلظة
بس سبني أرتبلها الأول مش عاوز آ
قاطعه مجد مرددا
متابعة القراءة