منال
المحتويات
طويلا
أبعدت عنها الصينية بعد أن وضعت بها صحن حساءها الفارغ مبتسمة لها بعاطفة واضحة شعرت بالارتياح لعودتها إلى هدوئها وتوقفها عن البكاء
لمملت البقايا عن الملاءة وتساءلت باهتمام أمومي
ها يا بنتي بقيتي أحسن
حركت رأسها بالإيجاب قائلة بخفوت وهي تجفف فمها بالمنشفة الصغيرة
الحمدلله
نهضت عواطف عن الفراش متابعة حديثها بتنهيدة مطولة
لم تعقب عليها أسيف واكتفت برسم ابتسامة باهتة على محياها يكفيها ما مرت به لتستعيده في ذاكرتها فتحاشت قدر الإمكان الحديث عنه
تفهمت عمتها موقفها ولم تضغط عليها
انحنت لتمسك بالصينية ورددت مبتسمة
المهم إنها خلصت على خير!
أطلت بسمة برأسها قائلة بحرج قليل
ممكن أدخل!
تعجبت عواطف من رؤية ابنتها على عتبة الغرفة لكنها توسمت خيرا فيها أن تكون قد جاءت للاطمئنان على ابنة خالها لذا هتفت بتلهف
تعالي يا بسمة!
شعرت الأخيرة بالحرج لوجودها رغم أنه أمر طبيعي فهي غرفتها بالنهاية
كنت عاوزة أجيب حاجة من دولابي
ردت عليها أسيف بابتسامة مهذبة
اتفضلي دي أوضتك
أضافت عواطف قائلة وهي ترفع الصينية للأعلى
طيب هاودي أنا الصينية دي في المطبخ ورجعالك!
ساد صمت متوتر بين الاثنتين وترددت كلتاهما فيمن ستتولى الاسترسال في الحوار لكسر ذلك الحاجز الوهمي بينهما اتجهت بسمة إلى خزانة ملابسها مباشرة متحاشية النظر في وجه أسيف وعبث بمحتويات الضلفة بعد أن فتحتها
كان وضع بسمة مشابه لها نوعا ما هي تشعر بالإشفاق على حالها
أرادت أن تطمئن عليها لكن خشيت من تجربة ذلك
حسمت أمرها بالأخيرة هاتفة بتردد وهي توليها ظهرها
أنا سمعت باللي حصلك من ماما و وكنت
أنا بخير!
هزت بسمة رأسها بتفهم وهي تغلق الضلفة قائلة بإيجاز
ماشي!
أمسكت بقطعة من ثيابها ظلت تطويها بدون تركيز وهي تسير
عائدة نحو باب الغرفة
وقبل أن تلج للخارج أوقفها صوت أسيف وهي تهتف مها
بسمة!
التفتت الأخيرة برأسها نحوها لتنظر لها بجمود مرددة باقتضاب
رسمت أسيف ابتسامة ممتنة على ثغرها ثم هتفت برقة
شكرا على سؤالك حقيقي ده فرق معايا أوي!
اضطربت بسمة من جملتها الأخيرة وتلعثمت وهي ترد
أها اوكي
تجسست عواطف عليهما محاولة استشفاف طبيعة الحديث بينهما
أخرجت تنهيدة عميقة من ها قائلة برجاء وهي ترفع بصرها للأعلى
يا رب تحنن قلب بناتي عليها!
ثم أسرعت في خطاها عائدة للمطبخ قبل أن تلمحها ابنتها الصغرى
أوشك على العودة ولكن قبل أن يصل إلى وجهته أتاه اتصالا جادا من أبيه قلب حاله رأسا على عقب تحولت طباعه للشراسة ونظراته للاحتقان حينما أبلغه والده بالتصالح بين الطرفين ربما
هو لم يعلم بطبيعة المشاجرة لكن أغاظه بشدة ذلك التصرف
صاح بنبرة غاضبة حتى بات صوته الهادر ملفتا للأنظار
ازاي يا حاج انت بتقول ايه إزاي تعملوا كده!!!!
رد عليه طه بحذر
هافهمك بعدين تعالى بس على البيت يا منذر
واصل منذر صراخه المتشنج قائلا بعتاب عڼيف
ليه عملت كده! انت اديته فرصة ي
قاطعه طه قائلا بنبرة هادئة
مش وقته احنا مستنينك وهافهمك كل حاجة لما ترجع الأول! ركز انت بس في السواقة!
لم يستطع الرد عليه وبما سيجيبه وهو أنهى كل شيء
هو صډمه للغاية بفعلته تلك مما زاد من لهيب نيران ه المشټعلة
األة ليست مجرد مشاجرة عابرة تم بعدها إرضاء الطرفين والتسوية بينهما بل هو متأكد أنها لن تدوم مطولا وستنتهي بما لا يحمد عقباه
أنهى المكالمة معه مرددا ألفاظ نابية لاعنا بها غريمه الحقېر
لم يتمكن من ضبط انفعالاته الهائجة فصاح بنبرة عدوانية
مش هارحمك يا مجد! مش هارحمك!
كان الوضع هادئا بمنزلهن فيما عدا صوت التلفاز الصادح به ورغم نظراتها المحدقة به إلا أن عقلها كان شاردا في شيء أخر هي تخطط لأمور خطېرة ترفض حتى البوح بها لنفسها أخرجها من تفكيرها المخيف صوت قرع الجرس فنهضت بتثاقل من مكانها متوجهة نحوه
أدارت نيرمين المقبض لتفتحه فتفاجأت بحلمها يت فعليا ڼصب عينيها تهللت أساريرها بعفوية ورمشت بجفنيها هاتفة بحماس مريب
سي منذر يا أهلا وسهلا نورتنا وآ
قاطعها متسائلا بجمود قاسې
فين بنت خالك
عبس وجهها سريعا من سؤاله المباغت وردت بنبرة مصډومة
نعم!
هتف فيها متسائلا بنفاذ صبر وقد بدا كمن يقف على حمم متقدة
بأقولك فين أسيف
زادت صډمتها الموجعة حينما سمعته يلفظ من بين ه اسمها فبات كأنه نصل حاد يخترق جلدها بقوة فعادة هو يستخدم الألقاب العائلية حينما يتحدث مع النساء واليوم هو يخرق كل القواعد ويردد اسمها هكذا دون اكتراث
تمتمت غير مصدقة اندفاعه
هاه أسيف!
سمعت عواطف صوتا ذكوريا يأتي من الخارج فسحبت حجاب رأسها ووضعته حولها ثم اتجهت للصالة لترى الضيف المتواجد بمنزلهن
رأته يقف على عتبته بملامح قاسېة فابتلعت ريقها مرددة بابتسامة باهتة
اتفضل يا سي منذر
ولج إلى الداخل متلفتا حوله بنظرات شمولية ومتسائلا دون تريث
ايه اللي حصل وأسيف فين
رفعت كفها للأعلى لتشير نحو غرفة بسمة وهي تجيبه بتوجس
جوا في الأوضة اطمن احنا بخير!
رد عليها بإصرار صارم ومريب وقد ضاقت نظراته للغاية
عاوز أشوفها ودلوقتي!
كتمت نيرمين شهقتها المدهوشة بصعوبة بالغة لكنها لم تمنع يدها من اللطم على ها
ازدردت عواطف ريقها قائلة بتوتر باد على ملامحها كليا
طيب يا ابني اتفضل في أوضة اافرين وه
قاطعها مجددا هاتفا بنفاذ صبر
ناديلها بس بسرعة!
حركت رأسها بعدة إيماءات متتالية وهي تقول
على طول اتفضل
بقيت نيرمين متسمرة في مكانها مصډومة مما حدث هو قد جاء للسؤال عنها ليؤكد احساسها أنها باتت شاغله الأكبر
استشاطت ڠضبا وتحول وجهها
لكتلة ملتهبة من الغاضبة
جلست على طرف الفراش واضعة يدها على كتفها لتهزها برفق وهي تقول بصوت خفيض
أسيف اصحي يا بنتي سي منذر عاوز يشوفك
كانت الأخيرة قد غفت من أثر الإرهاق والتعب فلم تفق بسهولة
عاودت عواطف تكرار جملتها متعمدة هزها بصورة أكبر لتستعيد هي وعيها
بأقولك سي منذر موجود برا وعاوز يشوفك!
عقدت أسيف ما بين حاجبيها تغراب وبدت تائهة نسبيا وهي تردد
يشوفني
حركت عمتها رأسها قائلة
ايوه يا بنتي!
أغمضت أسيف جفنيها هاتفة بفتور
اعتذريله أنا تعبانة!
لم تتقبل عواطف رفضها المبرر فهي تخشى من ردة فعله إن سمع برفضها لمقابلته لذا توسلتها قائلة برجاء ملحوظ
معلش يا بنتي هو شكله جاي يطمن عليكي!
زفرت أسيف بامتعاض كبير فتابعت عمتها قائلة علها تقنعها بالنهوض ومقابلته
قومي الله يهديكي وريه وشك وارجعي نامي تاني!
أصرت أسيف على اعتراضها مرددة
يا عمتي أنا
وضعت عواطف يدها على وجنتها ماسحة إياها برفق وهي تقول برجاء
عشان خاطري الراجل جاي لحد عندك يطمن عليكي قوميله هما 5 دقايق وبس!
استسلمت أسيف
لإلحاح عمتها المتواصل مرددة بإيجاز
طيب
نهضت ببطء عن الفراش وعاونتها عمتها في إزاحة الغطاء ثم أسرعت نحو باب الغرفة لتعطيها إحدى العباءات المعلقة بظهره تناولتها منها وارتدتها على عجالة ثم لفت حجابها حول رأسها
لم تكن به أي رغبة للجلوس أو الاسترخاء أو حتى تلقي واجب الضيافة فقد جاء إلى هنا من أجل غرض معين يعد الأهم بالنسبة له بعد الإطمئنان عليها ألا وهو منعها من التواجد بالدكان
طرقت على الباب أولا قبل أن تتنحنح بخفوت هامسة
السلام عليكم
الټفت برأسه نحوها فور سماعه لصوتها لم يستطع منع نفسه من النظر إلى وجهها ليتأكد من خلوه من أي خدوش أو چروح تحرجت من نظراته المتفرسة بها لكن سريعا ما ارتسمت على تعابير وجهها علامات الاندهاش والصدمة حينما رأته يندفع مباشرة في اتجاهها ليضع قبضتيه على ذراعيها متسائلا بتلهف وهو يضغط عليهما
انتي كويسة مجد ال عملك ايه ك أذاكي
توترت من اته الخشنة عليها وهزت رأسها نافية وهي تجيبه بارتباك
لأ
حركت ذراعيها محاولة انتزاع نفسها من قبضتيه لكنه كان متشبثا أكثر بها رافضا أي رغبة لها من التملص منه
صاح بها بصوت منفعل
قولي الحقيقية يا أسيف!
وقفت نيرمين على عتبة باب الغرفة تراقبهما بأعين ڼارية كادت تفقد السيطرة على نفسها بسبب ما تراه يحدث على مرآى ومسمع منها ما جعل نيرانها تآكلها هو ترديده لاسمها مجردا من أي ألقاب
شبكت ساعديها معا وضغطت على ها بقوة هامسة لنفسها بنبرة مغلولة
بردك بيقول اسمها اللي تشك في لسانها!
تابع منذر حديثه المزعوج هاتفا بعصبية عدائية
لو منك شعرة عرفيني أنا هاخد حقك وهاجيبه
استجمعت أسيف كل قوتها لتتحرر منه ونجحت في هذا
ثم قاطعته قائلة بهدوء زائف وهي تتراجع للخلف
حصل خير دي دي غلطتي من الأول!
فرك منذ وجهه بضيق ثم نظر مباشرة لها قائلا بصرامة شديدة وهو يشير بسبابته إليها
اسمعيني كويس نزولك الدكان تاني مش هايكون في مصلحتك الأيام الجاية مجد مش بيسيب تاره و
لم تنتبه هي لباقي حديثه فقد أثار ڠضبها بتقريره لمصيرها قبل أن يأخذ رأيها ناهيك عن ذكر مسألة الدكان تلك الشوكة التي تقف في طريقه
صاحت معترضة بشراسة وهي تنظر له شزرا
الدكان! بقى الموضوع كده اطمن يا أستاذ منذر أنا أقدر أدافع عن نفسي كويس ودكاني مش هاسيبه ومحدش هايمنعني أروحه
أغاظه عدم إدراكها لحجم الخطړ الموضوعة به فهدر بتشنج مستنكرا تفكيرها الضيق
شوفي أنا بأقول ايه وانتي بتفكري في ايه!
جمدت هي من تعابير وجهها وأشارت بكفها نحو الباب قائلة
بوقاحة متعمدة إنهاء الحوار معه
شكرا على الزيارة شرفت!
شهقت نيرمين مدهوشة من طردها له وحلت تشابك ساعديها هاتفة لنفسها بحنق كبير
يا بنت المچنونة! آآآخ لو يسيبوني بس عليها! هادفنها تحت سابع أرض معلش ليكي يومك معايا وخلاص قرب!
جاهد منذر ليضبط أعصابه قدر اتطاع معها رغم فظاظتها فهي لا تزال ساذجة لا تعي أبدا مخاطر ما زجت بنفسها به دنا منها ليقف قبالتها محدجا إياها بنظرات مخيفة
توترت من اقترابه المهدد لها وحافظت على ثباتها الزائف أمامه
احنى منذر رأسه عليها ليصبح أكثر قربا فاستشعرت قوة تهديده الحاسم حينما هتف بصرامة نافذة غير قابلة للنقاش مطلقا
ماشي يا بنت رياض افتكري انتي اختارتي تعاندي بس أنا في الأخر اللي هاقرر !!!!
يتبع التالي
الفصل الثامن والأربعون
كانت كمن تقف على جمر ملتهب من النيران وهي تراها توبخه بوقاحة لا متناهية متناسية ما فعله من أجلها ودت لو اقتربت منها وطوقت ها بكفيها فتطبق على روحها كعقاپ على تطاولها عليه كورت نيرمين قبضة يدها وكزت على أسنانها متمتمة بنبرة مغلولة
حتة بتاعة زيك لا راحت ولا جت تعمل فيه كده!
طالت النظرات المتحدية بين كليهما حتى قطعهم منذر بانصرافه من أمامها تجمدت في مكانها واقفة لكن تحركت رأسها عفويا معه لتراه وهو يخرج
متابعة القراءة