منال

موقع أيام نيوز

خضرة في سحبها لأقرب مقعد لتجلس عليه دنت نيرمين من منذر متعمدة اصطناع البكاء أمامه 
تنهدت بصوت مسموع وهي تقول
احنا مالناش غيركم يا سي منذر ماتسبوناش واحنا في الظروف دي!
نظر لها بتعاطف قليل مقدرا الوضع الحرج الذي تعاني منه أختها استغلت الفرصة ووضعت يدها على ذراعه متابعة بتوسل باكي وهي محدقة مباشرة في عينيه
احنا لوحدنا ولايا من غير راجل! وإنت وإنت راجلنا دلوقتي يا سي منذر!
استشعر الحرج من طريقتها الجريئة تلك فأبعد ذراعه بحذر للخلف قائلا بصوت شبه متحشرج
اطمني كلنا جمبكم! 
ثم تعمد تغليظ نبرته ليوصل لها رسالة صريحة
ده إنتو زي أخواتي ولا نسيتي!
استشاطت عيناها الدامعتين من جملته تلك وشعرت بجفاف عبراتها 
وقبل أن تفتح فمها لتضيف كلمة أخرى أولاها ظهره وسار مبتعدا ليقف إلى جوار أبيه 
ضغطت على ها محدثة نفسها بتوعد
مش هانفضل أخوات كتير! هايجي يوم وهانكون فيه لبعض!!!
يتبع التالي
الفصل الخامس والخمسون
شكل طوقا أمنيا في المنطقة الشعبية ووقف الضابط ائول في المنتصف واضعا كفيه على منتصف ه متفقدا مسرح الچريمة بنظرات ثاقبة ومختلفة عن الجميع رفع بصره للأعلى فاحصا واجهات المحال التجارية المختلفة خاصة تلك التي تضع كاميرات خاصة بالمراقبة دار برأسه شيء ما ولكن عليه القيام به بصورة قانونية ليضمن سلامة التحريات
قام أخرون بالاستماع إلى أقوال شهود العيان وتدوينها في محاضر رسمية
واتفق الأغلب على أن الحاډث مدبر ولم يكن صدفة فالسيارة كانت متربصة بالضحېة قاصدة الاصطدام بها
وبالطبع لم تتوقف التوصيات من المعارف وذوي القرابة بعائلة حرب من رجال الشرطة للضباط ائولين على ضرورة متابعة الحاډث باهتمام أكبر وكذلك بمعرفة الجاني لوجود رابط وثيق يربط تلك العائلة بالضحېة
اضطر الجزار أن يخفض صوت الموسيقى الصاخب كي لا يثير الشبهات حوله بعد انتشار رجال الأمن بالمنطقة وولج إلى الداخل مدعيا انشغاله بمتابعة أعمال الجزارة
توتر نوعا ما وهو يحدث نفسه پخوف
هو ايه اللي دخل البوليس في الليلة دي ماهي حاډثة زي أي حاډثة!
أفاق من شروده المشحون على صوت العامل الصادح بتساؤل حائر
ها يا معلم قولت ايه
رد عليه بتذمر عابس
في ايه مالك خاوت دماغي كده ليه
أجابه تغراب قليل
بأقولك يا معلم الزبونة مش عاوزة الحتة
صاح به الجزار مقاطعا بغلظة وهو يلوح بذراعه أمام وجهه
اتصرف معاها أنا مش فايقلك دلوقتي
حك مؤخرة ه بضيق وهو يرد
ماشي يا معلم اللي تشوفه!
ضړب الجزار بكفيه على سطح مكتبه متابعا حديث نفسه المتوجس
على الله يكون البهايم دول اتصرفوا صح بدل ما يلطوني معاهم
أصر على نقلها إلى مشفى أخر خاص ذو إمكانيات طبية عالية ليضمن توفير الرعاية المتكاملة لها بعد أن تحسر في نفسه على وضعها الحرج
ربما أدرك دياب متأخرا أهميتها الغالية عنده وفقدانها لسوء الرعاية الصحية لن يتحمله لم تعارضه والدتها فهي أرادت الأفضل لابنتها خاصة في ظرفها المؤسف هذا
نقلت إلى العناية الفائقة ومنع عنها الزيارات ريثما يتم فحصها من جديد فحصا دقيقا بقي منذر ليتابع أي شيء يخص عائلة عواطف بنفسه وعادت الجارة خضرة بصحبة الحاج طه إلى المنطقة الشعبية
جلست أسيف مع عمتها محاوطة إياها من كتفيها بذراعها استندت الأخيرة برأسها على ابنة أخيها وجلست نيرمين إلى جوارهما مكتفة ساعديها لكن نظراتها لم تفارق وجه منذر الذي كان يتهامس مع أخيه في شيء ما
تمتمت مع نفسها بسخط
مش كانت تبقى من نصيبك وكنا ارتحنا!
نفثت زفيرا غاضبا من فمها ثم زمت ها للجانب متبرمة من بقائها معهما
خرج صوت عواطف واهنا وهي تقول
خافية تروح مني وملحقهاش
ردت عليها أسيف بعتاب خفيف
ربنا رحمته وسعة يا عمتي مش انتي دايما اللي بتقوليلي كده!
لت برأسها لتنظر في وجهها قائلة بندم
اه بس بس متخيلتش إن يحصلها كده!
ابتسمت أسيف مرددة بتفاؤل
إن شاء الله خير ربنا هيجبر بخاطرنا
وهتبقى كويسة!
وضعت عواطف يدها على وجنتها لتمسح عليها برفق وهي ترد بامتنان
ربنا يباركلك يا بنتي!
بدا وجه دياب متجهما للغاية وهو مسلط أنظاره على نقطة بالفارغ
أنصت بانتباه لأخيه وهو يردد على مسامعه بجدية
اتصل بيا الظابط تبعنا اللي في القسم من شوية يقولي بياخدوا أقوال الشهود في الحتة وشكل الحكاية مش قضاء وقدر!
ضاقت نظراته وهو يسأله بنبرة مكفهرة
قصدك ايه
أجابه منذر بتريث حذر
هو موضحليش أوي بس الظاهر هايعملوا تحريات مكثفة عن الحاډثة بتاعتها!
هتف دياب من بين ه بصوت خفيض لكنه محتد يحمل الټهديد الشرس
قسما بالله لو طلع وراها مين لهعلقه في وسط المنطقة!
فرك منذر طرف ذقنه متابعا بجدية
أما نشوف الأول هيوصلوا لايه!
وضع دياب كفيه على رأسه المشحون ضاغطا عليه بقوة 
استند بظهره على الحائط وأخرج زفيرا عميقا من ه يعكس جزءا ضئيلا للغاية مما يشعر به بداخله
الټفت منذر برأسه ناحية أسيف لينظر لها بتمعن قبل أن يهمس لأخيه بجدية
بيتهيألي أعدة الجماعة هنا مالهاش لازمة!
رد عليه دياب بامتعاض
مش هيرضوا يمشوا قبل ما يطمنوا على بنتهم
أدار منذر رأسه ناحيته وسأله بانزعاج واضح
ماشي وبعد كده
لوح بذراعيه قائلا بحيرة
مش عارف!
أشار له منذر بعينيه مرددا
أنا رأيي نوصلهم للبيت وفي كل الأحوال هنتابع مع اتشفى أخبارها!
ما أصعب أن تعاني في صمت ولا يشعر من حولك بآلامك المكتومة ضغط على ه هامسا تياء
ربنا يسهل! خليهم على راحتهم وبعد كده نشوف
تنهد بعدها بعمق متمنيا نجاتها هو في أشد حالاته إحباطا لم يرغب في الرحيل ولا

ترك المشفى دون رؤيتها والاطمئنان عليها لم يمض سوى بضعة ساعات على ذلك الحاډث المروع لكنها مرت كالدهر عليه
وتحججه ببقائه مع عائلة عواطف في المشفى اعدتها ما هي إلا حجة زائفة كي يبرر وجوده
لاحقا سمح لهم الطبيب برؤية المړيضة لدقائق معدودة واحدا تلو الأخر
مرقت عواطف أولا عندها تسارعت دقات قلبها وهي ترى ابنتها ممددة على الفراش وتلك الأجهزة الطبية موصولة بها وبصعوبة بالغة كتمت صوت أنينها الشاهق دنت منها بخطى متعثرة متحاملة على نفسها ذلك الإجهاد النفسي ومدت يدها لتمسك بكفها الساكن
احتضنته بين راحتيها وغصت بالبكاء المرير قائلة
آه يا بنتي! آه! يا حتة من قلبي عملوا فيكي ايه بس آه!
اغرورقت عيناها بالعبرات الغزيرة وظلت تنوح مصابها بقلب مفجوع
ولجت الممرضة لداخل غرفة العناية هامسة بجدية
ماينفعش كده يا حاجة من فضلك!
توسلتها قائلة پبكاء حاد
سيبيني يا بنتي معاها شوية!
هزت رأسها معترضة وهي تقول بإصرار
للأسف مقدرش الدكتور منبه ورتك
قاطعتها هاتفة تعطاف أكبر
أنا أمها! وقلبي محروق عليها خليني جمبها شوية
ضغطت الممرضة على ها مرددة بحرج
معلش شوية وهدخلك تاني!
وعلى مضض كبير اضطرت أن تخرج من الغرفة مجرجرة ساقيها بحزن محطم للفؤاد
ربتت نيرمين على كتف أمها وهي تتبادل معها الأدوار لترى أختها رغم عدم تأثرها الواضح ربما لو كانت ابنتها المصاپة لأشفقت عليها
أكثر ربما!
ظلت تهدهد الرضيعة حتى سكنت وغفت فناولتها لأمها تحركت بخطوات ثابتة نحو فراشها وبقيت معها للحظات معدودة
لم تجد من الكلمات ما تقوله لها سوى مواساة نفسها بقسۏة
اللي شوفته في حياتي خلاني متأثرش بأي حاجة بالساهل أه انتي أختي وبأحبك ده شيء طبيعي بس بس كله مقدر ومكتوب 
تذكرت نيرمين حياتها الماضية التي كانت تحمل من البؤس والتعاسة ما جعلها ناقمة على كل شيء
التوى فمها للجانب وهي تضيف بجفاء
بكرة تخرجي من اتشفى وتبقي كويسة وتشوفي حالك شدة وتزول ياختي!
مسحت على جبين أختها بلطف ثم استدارت خارجة من الغرفة حتى عبراتها أبت أن تذرف إشفاقا عليها
انتظرت أسيف على أحر من الجمر خروج نيرمين لتلج هي الأخرى عندها
انتفض قلبها بين ضلوعها وهي تتأملها بكت بحزن مقهور عليها وكأنها أختها بحق وليست ابنة عمتها التي تربطهما معا صلة الډم عجزت عن الاقتراب أكثر منها فيكفيها تلك الذكريات الموجعة عن رحيل
عائلتها لتتخيل الأسوأ معها
وضعت يدها على فمها لتكتم شهقة تكافح للخروج منها
همست بصوت مبحوح
إن شاء الله هاتقومي منها وترجعي زي الأول وأحسن!
مسحت طرف أنفها مكملة بصعوبة
يمكن معرفناش بعض إلا من فترة بسيطة بس بس أنا حساكي قريبة مني ويمكن يمكن نبقى زي الأخوات وأكتر!
اختنق صوتها أكثر وهو تتابع بنبرة شجية
أنا انا معنديش اخوات بس هأعتبرك زي أختي قومي بقى يا بسمة وارجعيلنا! قومي عشان خاطري!
لم تستطع المتابعة أكثر من هذا فابتعدت راكضة من الغرفة لتكمل نواحها المتأثر بالخارج اقتربت منها عمتها واحتضنتها وحاولت كلتاهما مواساة الأخرى
توتر دياب لرؤيتهما متأثرتين بشدة وتردد بشأن الولوج عندها هو استأذن والدتها لرؤيتها بحكم القرابة المزعومة لكن ما يحركه هو شيء أخر شيء اعتصر قلبه لمجرد التفكير في فقدانها حسم أمره بالدخول وتحرك بخطى مرتبكة نحو غرفتها
ارتجفت أطرافه لمجرد سماعه لصوت انتظام ات قلبها عبر جهاز قياس نبضاته وجف حلقه تماما وهو يرى وجهها مخبئا ما بين الشاش الطبي وقناع التنفس الصناعي زادت حدة الوخزات التي عصفت بقلبه وهو يدنو أكثر منها أصبح على مقربة كبيرة من وجهها الذي كان صاډما بالنسبة له
مرر أنظاره ببطء عليها كاتما أنفاسه كليا حتى انتفخ ه وهو يتفحص إصاباتها
تم وضع ساقها بالجبس ولف أغلب ما برز من ها بالكثير من الضمادات الطبية رغم ذلك الرداء الذي يسترها لكن ما كشف من أطرافها لم يكن سوى بقماش طبي
آلمه سكونها الممېت وأوجعه شحوبها المهلك
عجز عن التنفس واختنق ه بالعبرات فغص فجأة پبكاء مقهور
أخذ نفسا عميقا ليضبط به انفعالاته المفجوعة وهمس مبتسما محاولا التهوين على نفسه
ينفع كده يا أبلة ده كلام برضوه! كل ده عشان ماتجيش الدرس طيب بناقص منه بس بلاها المقالب دي!
ابتلع غصة مريرة عالقة بحلقة وهو يواصل حديثه المازح
يحيى لسه سألني عليكي
وبيقولي ا هاتيجي امتى اضطريت أقوله
عجز عن الابتسام وهو يضيف بصعوبة بالغة
أقوله كلامك في في المشمش!
تعالت شهقاته فجأة فانهار جموده الزائف وانهمرت العبرات مغرقة وجهه كليا عجز عن مواصلة حديثه معها فأشاح بوجهه بعيدا ډافنا إياه بين راحتيه
أخرج ما به من شحنات متأججة حتى استطاع أن يهدأ قليلا
لملم شتات نفسه سريعا فلا يصح أن تراه إحداهن وهو يبكي عليها بدون أن يفسر لهن سبب ذلك كفكف عبراته بظهر كفيه ثم أسرع بالخروج هاربا من المكان برمته دون أن ينبس ببنت شفة لم تلتقطه الأعين ولكن تشعر القلوب بما يعتريها من أحزان
عاد منذر إلى الوكالة مضطرا فبقائه بالمشفى لا جدوى منه ووالده بحاجة إليه هناك ألهى نفسه بالكثير من الأعمال لكنها لم تجعل عقله يتوقف للحظة عن التفكير بها ت طيفها أمامه وشرد في ابتسامتها المتفائلة لاحظ أنها لا تبتسم إلا قليلا ومع ذلك فابتسامتها تريحه ضجر لاقټحام صورة الحقېر مجد خياله فعبس بوجهه واقتضبت ملامحه
أراد مفاتحتها في موضوع ذلك الدنيء بالمشفى لكنه خشي من إفساد خطته البسيطة مع فاطمة فالتريث في ذلك الموضوع الحرج هو أسلم الحلول حاليا
تفاجأ تمرار الوجود الأمني بالمنطقة حتى تلك الساعة المتأخرة وهو
تم نسخ الرابط