الذكيه بقلم زكية محمد

موقع أيام نيوز

الاثنين و عشرين عاما تحملت المسؤلية منذ الصغر و لا زالت .
زفرت بضيق فهي مكتوفة الأيدي أمام أيوب الصارم الذي لا يجرؤ أحد على اعتراض أوامره 
بعد أن انتهى من الطعام و اكتفت أمعائه الصغيرة قامت مريم بتنظيف البقايا الموجودة على الطاولة و بعد أن انتهت هتف أحمد بإلحاح ماما عاوز أروح عند جدو موثى و عمو إثلام .
أحدث سماع اسمه زوبعة شديدة بداخلها أطاحت بالمتبقي من قلبها المتهشم منذ سنوات بعد أن كسر على يدهم .
بادلته ابتسامة مرتجفة قائلة حاضر يا حبيبي تعالى ننزل تحت عند جدو موسى و تيتة عواطف .
صاح الصغير بحماس و هو يجذبها من يدها و يسير بها نحو الباب بخطوات سريعة هاااااااي يلا بثرعة يا ماما .
اومأت له باستسلام و نظرت لوالدتها قائلة ماما أنا هنزل تحت عند مرات عمي و عمي .
أنهت كلماتها و نزلت مع الصغير للأسفل و دقات قلبها تغني عن ألف سؤال ..
ارتدى ملابسه الخاصة بالعمل و كان على وشك الخروج إلا أنه سمع طرقات على الباب فتوجه ليرى من بالباب و ما إن فتحه وجد جارتهم سميحة و التي هتفت بود ازيك يا حاتم يا ابني 
ابتسم بتكلف قائلا بصوت أجش أهلا يا خالتي أم سما الحمد لله بخير ازيك إنتي
أردفت بود الحمد لله رضا يا ابني أومال فين أم حاتم و رحيق مش جوة ولا إيه 
أردف بنفي وهو يتنحى قليلا من أمامها لتدلف للداخل لا أمي جوة في الصالة إتفضلي . ثم أضاف بغيظ مخفي أما رحيق راحت تدور لها على شغل هي و صحبتها .
أومأت له بتفهم قائلة و ماله يا ابني ربنا يفتحها عليهم قادر يا كريم .
أردف بهدوء طيب أدخلي انتي يا خالتي أنا نازل الشغل .
دلفت للداخل تصيح باسمها فأتاها صوتها قائلة بتعب تعالي يا سميحة أنا هنا .
تقدمت ناحية الصوت و هتفت بابتسامة مشرقة وهي تصافحها إزيك يا أم حاتم عاملة إيه دلوقتي العلاج ماشي كويس معاكي 
أردفت بوهن و تمسك بجانبها أهو الحمد لله ماشي لحد ما أقبض آخر الشهر و أروح أغسل .
أردفت بأسى يا حبيبتي لسة هتستني لآخر الشهر !
ذمت شفتيها بحزن جلي قائلة اعمل ايه يا سميحة ما إنتي عارفة البير و غطاه أجيب منين أنا كل اللي هاممني دلوقتي رحيق لو حصلي حاجة هتروح لمين و مين اللي هيبقى جنبها ! خاېفة عليها أوي دي أمانة أمنتني عليها أختي قبل ما ټموت حاسة إني ھموت و هسيبها...
قاطعتها قائلة بلهفة تفي من بوقك يا صفية متقوليش كدة إن شاء الله هتخفي و تبقي زي الفل و
أنتي بنفسك اللي هتلبسيها الطرحة ..
نظرت للأعلى و أردفت برجاء يا رب دي تبقى أمنيتي الوحيدة و بعدها ربنا ياخد عمري علطول مش مشكلة علشان لما أروح لفاطمة أقولها حافظتلك على الأمانة زي ما طلبتي.
أومأت بخفوت و رسمت خطوط الأسى على وجهها وهي تشعر بالشفقة تجاهها فجمعت رباط جأشها قائلة بحذر طيب يا أختي أنتوا دورتوش على أبوها اللي راح الخليج وما رجعش ده لحد دلوقتي!
لمع الدمع بعينيها حينما أتتها تلك الذكرى فهتفت بتهكم لا يا سميحة ما فيش أخبار عنه من وقت ما سابها هي وبنتها منعرفش عنه حاجة .
هزت رأسها بتعاطف قائلة بغل ربنا ياخذه راجل دون ده بدل ما يسأل عن بنته و يقول أربيها كأنه ما صدق و لقاها ! تلاقيه متجوز الواطي وعايش حياته والبنت اليتيمة دي يا عيني طافح الكوتة منه لله حسبي الله ونعم الوكيل في كل واحد ظالم بالشكل دة .
جففت دموعها بيدها وهي تمسك جانبها الذي أشتد عليه الألم فانتبهت لها الأخرى فهتفت پذعر مالك يا صفية أروح أنادي حاتم من تحت بسرعة يشوف دكتور
هزت رأسها بالنفى قائلة بوهن لا ملوش لزوم اقعدي يا سميحة أنا عاوزاكي في موضوع مهم فيه حياة أو مۏت بس فيكي من يكتم السر 
شهقت پصدمة قائلة بعتاب أخص عليكي يا أم حاتم بقى بتشكي فيا دة إحنا أهل !
أردفت بتوضيح أنا مش قصدي كدة أنا مش عاوزة أي مخلوق خلقه ربنا يعرف اللي هقولهولك دة لأن محدش يعرف بالسر دة أبدا والكلام اللي هاقوله خطېر لو طلع الدنيا هتتقلب أنا هحكيلك سر كتماه يجي من خمسة عشر سنة آن الأوان أنه يطلع هطلعه بس عشان البنت الغلبانة دي اللي ملهاش ضهر من بعدي .
أردفت بحذر و دقات قلبها تزداد بقلق ماشي يا أختي قولي سرك في بير يا حبيبتي .
نظرت لها مطولا و بدأت تقص عليها ما يجثو فوق صدرها طول تلك السنوات بعيون يسيل منها الدمع كالشلال وهي تخبرها بمعاناة شقيقتها الراحلة وما عانته من ويلات بينما اتسعت أعين ذلك الواقف پصدمة عندما كان في طريقه للعودة لأخذ هاتفه الذي نساه و وقف كالتمثال حينما التقطت أذنه ذلك السر الخطېر وعينيه تزداد اتساعا كلما قصت والدته بالمزيد و لا يصدق ما يسمعه أيعقل ما سمع للتو !
انتهت من سردها قائلة برجاء أمانة عليكي يا سميحة ما تقولي لحد دي أمانة حافظي عليها من بعدي .
مسحت دموعها قائلة بصوت متحشرج اطمني يا أختي سرك في بير و رحيق هتفضل أمانة و زي بناتي بالظبط و مش هخلي حد يهوب ناحيتها ولا يأذيها اطمني يا أختي و حطي في بطنك بطيخة صيفي .
أومأت لها بخفوت قائلة
تعيشي يا سميحة بنت أصول بصحيح .
نزل للأسفل و كأن على رأسه الطير و عقله في حالة صدمة ثم هتف بخبث بقى كله دة يطلع من ورا ست الحسن والجمال دي ! لا دة الواحد يقعد على رواقة بقى و يتكتك و يشوف هيعمل إيه لازم استفاد من ورا المصلحة دي كويس أوي و أبقى مغفل لو سبت الفرصة تضيع مني ..
قابل مدحت الذي هتف بمجرد أن رآه صباحو يا عمنا ... 
ثم جلس قبالته بينما هتف الآخر صباحك فل إيه مش ناوي تلين راس بنت خالتك دي و تخليها توافق !
أردف بغيظ مكبوت أعملك إيه يعني ما هو على يدك دي رفضتك يجي خمس مرات و لما أمي بتسألها ليها بتقولها إنك متجوز و هي استحالة تتجوز واحد متجوز .
رفع حاجبه الذي يمر به خط طويل نتيجة لإحدى مشاجراته في المنطقة قائلا باستنكار الله ! و فيها إيه أنا راجل مقتدر و أقدر أفتح بدل البيتين أربعة عمالة تتقنعر عليا ليه مش فاهم دة أنا هعيشها ملكة بدل العيشة اللي عيشاها دي .
جعد وجهه بضيق قائلا أهو العيشة اللي أنت شايفها دي عجباها يا مدحت .
غمغم پغضب لا بقولك إيه أنا عامل حساب للعيش و الملح اللي بينا هتعصلج معايا هوريك وشي التاني إحنا بينا إتفاق نسيت ولا أفكرهولك !
جز على أسنانه پعنف قائلا بغيظ مكبوت لا فاكر يا مدحت بس أنت كمان استنى عليا مهلة كدة أكون جبتلك الفلوس كلها .
كاد أن يصل حاجبه أعلى رأسه و هو ينظر له بدهشة قائلا نعم نعم ! قولت إيه ! عيد اللي قولته تاني كدة !
أردف بضجر بقولك استنى عليا كام يوم و هجبلك الفلوس كلها لحد عندك .
نظر له قائلا بسخرية لاذعة و دة منين إن شاء الله ! يكونش يلا سرقتلك محل دهب ولا قتلتلك قتيل ! ما هو مش بعيد على الحشاشين اللي زيك .
أردف پغضب حوش أنت اللي شيخ جامع جرا إيه يا مدحت ما إحنا دافنينه سوا بتلبش بالكلام ليه بقى دلوقتي و بتسيحلي في المنطقة 
هدر پعنف علشان مبقتش حاتم اللي أنا أعرفه فين كلامك ليا اللي اتفقنا عليه 
تأفف بضجر قائلا و بعدين معاك يا مدحت ما تهدى و تخلي صباحيتك تعدي الله ! هو المدام عكننتها عليك في البيت جاي تطلعه علينا هنا !
نهض من مكانه پغضب كالمرجل ثم جذبه من تلابيب ملابسه قائلا لا دة أنت كمان عاوز تتربى ياض وأنا اللي هعلمك الرباية كويس .
قال ذلك ثم انهال عليه يضربه و الآخر يسدد و يتلقى و سرعان ما تحول الأمر إلى شجار عڼيف تجمع أهل المنطقة على أثره حيث وقفت السيدات
في الشرفات و النوافذ يراقبن الموقف بفضول من الأعلى .
تقدم أحدهم و حاول الفصل بينهما قائلا بروية استهدى بالله كدة يا مدحت أنت و حاتم و أخذوا الشيطان .
و حينما لم يستطع الفصل بينهما نظر للملتفين حولهم قائلا بحدة ما تساعدوني بدل ما انتوا واقفين كدة تتفرجوا مش فيلم هو ..
و بالفعل استجاب له البعض و تقدموا ناحية ساحة الشجار و استطاعوا الفصل بينهما فصاح مدحت پغضب المكبل بواسطة بعض الرجال سيبوني عليه أعلمه الأدب .
أردف حاتم بنفس الڠضب وهو يحاول الوصول له تعلم على مين يالا دة أنا أشرحك مكانك ..
أردف پغضب طب و ديني و ما أعبد لو ما جبت الفلوس يا حاتم لأكون قاتلك بأيدي .
صړخ پغضب على الجزمة هتاخدها فلوسك أنت هتزلني بيها .
تدخل أحدهم قائلا خلاص يا ابني وحد الله كدة منك ليه ويلا كل واحد يشوف مصلحته .
أنصرف الجمع الغفير المنتشر بينما هتف صاحب الورشة بغلظة من النهاردة ملكومش أكل عيش عندي روحوا كلوا عيش في حتة تانية .
أخذا يتفرسان ببعضهما البعض بكره شديد ثم انصرف كلا منهما إلى وجهة مختلفة و بداخلهم حقد يتصاعد كألسنة اللهب ....................
الفصل الثاني
وقفت أمام الشقة الخاصة بعمها فرفع الصغير ذراعيه للأعلى قائلا بتذمر ماما شليني عاوز أرن الجرث .
ضحكت بخفة على مشاغبة الصغير و بالفعل امتثلت لطلبه و قامت بحمله فوضع الصغير أصبعه على زر الجرس ولم يتوقف أبدا عن الضغط .
فتحه إسلام وما إن رآه حمله بسرعة بين ذراعي والدته بينما كتمت الأخرى حينما كان مقتربا منها لأخذ الصغير حتى لا يسلبها منها في كل مرة عندما يهجم بضرواة على أوتار قلبها فتزيد من دقاته الصاخبة .
نظرت أرضا كي لا تلتقي عيناها بعينيه فيقرأ فيهما سطور العشق المسطرة منذ زمن فيفتضح أمرها و عندها سيلومها الجميع أنست زوجها بتلك السرعة لتقع في غرام شقيقه ! و لكنهم لا يعلمون أن عشقه يسكن في ثناياها منذ أن كانت طفلة و حاولت الكثير و الكثير أن تمحيه و لكن دون جدوى فمهما هربت تجد طريقها مسدود .
فاقت من شرودها على صوته الذي ما زادها إلا عذابا حينما هتف بمرح و هو يقبل وجنة الصغير أهلا أهلا بحبيب عمو إزيك يا بطل 
هتف الصغير بابتسامة مشرقة كويث إثلام .
ضحك قائلا ياض أنا عمك مش إسلام عيب كدة تعال يا بطل سلم على جدو و تيتة ..
ثم أضاف بهدوء و هو يوجه حديثه لمريم تعالي يا مريم هتفضلي عند الباب كتير !
أومأت له بخفوت ثم دلفت خلفهم و ألقت التحية على الموجودين فردوها عليها ببشاشة وجه .
انشغلوا بالطفل فهو عوض الله لهم عن ابنهم الفقيد فابتسمت بخفوت و لمع الدمع بعينيها
سريعا ما شكلت طبقة كرستالية محتهم على الفور و جاهدت في رسم إبتسامة واسعة على وجهها و لا تعلم إلى متى ستصمد 
هتف موسى الذي يضع الصغير على قدميه فطرت ولا لسة يا أبو حميد 
أومأ الصغير بنعم قائلا أيوة يا جدو الحمد لله يلا علشان نروح تحت الكوالة .
ضحك الجميع على نطقه الخاطئ فأردف موسى اسمها وكالة يا أحمد وكالة تمام يا بطل و ماله أهو تتشرب الصنعة من وأنت صغير .
قال ذلك ثم نهض قائلا ممسكا بيد الصغير يلا كمان يا إسلام علشان تحصلنا زمان عمك فتح الوكالة بدري هو و محمود .
أردف إسلام بطاعة حاضر يا بابا ..
غادر بهدوء بصحبة الصغير بينما هتفت عواطف بحب تعالي يا مريم افطري مع إسلام .
هزت رأسها بنفي قائلة تسلمي يا مرات عمي أنا فطرت مع أحمد بالهنا كلوا أنتوا .
توجهت و جلست على الأريكة بالقرب منهم تقضم أظافرها بتوتر شلت حواسها و جحظت عيناها پصدمة و توقفت ضربات قلبها حينما سمعت زوجة عمها تقول بقولك إيه يا إسلام يا ابني أنت أهو ما شاء الله خلصت كليتك ليك سبع سنين و شقتك بقت جاهزة من مجاميعه ها فاضل إيه تاني يا حبيبي مستني إيه ! نفسي أفرح بيك يا ضنايا بعد ما أخوك الغالي فارقنا مبقاش ليا إلا أنت و أختك .
زفر بضيق قائلا بشبح ابتسامة حاضر يا أما أديني وقت أظبط أموري و هبقى أشوف .
أردفت بلهفة ما تقلقش أنا عندي ليك حتة عروسة إنما إيه جمال و أدب و ....
قاطعها قائلا بضجر خلاص يا أما هبقى أشوف أنا نازل الوكالة عند أبويا ..
أنهى كلماته و نزل مسرعا و تلقائيا وجد عينيه تقع على منزل تلك التي نقضت العهد عندما عاهدته بأنها ستكمل معه الطريق و لكنها تركته في بدايته حينما أتتها الفرصة للعيش في منطقة أكثر رقيا من هذه المنطقة مع هذا الثرى الذي تشبثت به بقوة لينتشلها من هذه المنطقة الشعبية .
ابتسم بسخرية و هز رأسه بندم على ما كنه من مشاعر لها و نزل للأسفل ليتابع عمله بالوكالة حيث أنه يدير قسم الحسابات و يشرف على البضاعة بعملهم الخاص .
شعرت بالصقيع يسري في أوصالها فارتجفت بقوة وكأنها في الشتاء رغم حرارة الجو . 
دمار تام خيم على مدينة قلبها فأصبحت عبارة عن كوم تراب . ماذا تنتظر ! أستظل توهم نفسها بالمزيد من الأحلام التي من المستحيل تحقيقها الآن !
شحب وجهها كالمۏتى و تأكدت اليوم أنه لن يكون لها مثل كل مرة كانت تمني حالها فيها . تحجرت الدموع بعينيها و هدأت وتيرة أنفاسها و كم تمنت المۏت في هذه اللحظة لتنال الراحة بدلا من دوامة العڈاب
التي ټغرق فيها .
اقتربت منها عواطف قائلة بابتسامة عذبة إيه رأيك يا مريم في بنت عم صالح أسماء 
هزت رأسها پضياع قائلة ها ...بتقولي إيه 
لاحظت حالتها فأردفت بقلق
تم نسخ الرابط