الذكيه بقلم زكية محمد
المحتويات
كام سنة وأنا بدور عليها لحد ما يئست .
هندم ملابسه بغرور مصطنع قائلا - علشان تعرف بس العبد لله قدها و قدود .
ضحك بخفوت قائلا - اه لو ناريمان هانم تسمعك .
أردف پذعر وهو يطالع الباب - لا أبوس إيدك بلاش مش عاوز اسمع محاضرة مطولة أنا طيب أنا هسيبك مع الجو شوية و راجعلك..
بعد خروجه بينما أخذ هو يمسد على حجابها بحنان و مال على جبينها و قبله بقوة ثم سند رأسه على خاصتها و نزلت دموعها بغزارة قائلا بندم - سامحيني يا بنتي عشتي عمرك دة كله لوحدك من غير ما أعرف عنك حاجة و الله يا بنتي يشهد ربنا إني مبطلتش أدور عنكم لحظة بعد ما اختفيتوا من غير ما أعرف حتى أختفيتوا ليه ويوم ما أعرف أخبار عنكم أتفاجئ بأن فاطمة ماټت وإنتي الله أعلم فين بس أنا مش هسيبك أبدا بعد كدة يلا فوقي و فتحي عيونك الحلوة دي و بعدين هاخدلك حقك من شادي الحمار دة .
نظر له قائلا بتهكم - يتهنى بيه مفيش يا محمد أخبارك إيه
أردف بود - الحمد لله يا صاحبي طمني أنت عليك يا عريس بقى هو في واحد لسة متجوز يدوب كمل أسبوع ينزل الشغل !
أردف بعبث - أقعد كل عسل يا عم يعني أنا اللي هقولك !
أردف بضيق - محمد نقطنا بسكاتك الله يخليك .
ضحك بصخب قائلا - ياض الله ېخرب بيتك وأنت عامل زي الست النكدية كدة مالك يا أبو الصحاب بجد
زفر بضيق قائلا - مش عارف تايه !
أردف بمرح أبسط يا عم لاقيتلك بيتكم تاني عمارة على......
وضع يده على ثغره قائلا - خلاص مش هتكلم هسمعك و بس .
صمت قليلا قبل أن يردف بشرود - مش مستوعب لحد دلوقتي إني اتجوزت لا ومش كدة وبس دي مرات أخويا اللي ماټ ساعات بحس إني ندل و ساعات بحس إني مظلوم مش عارف أنا مش عارف أعيش طبيعي معاها و خصوصا بعد ما ........
صمت قليلا بما سيخبره فذلك السر الذي لا يعلمه سوى أفراد العائلة من وجهة نظره ولا يريد أن يعلم به أحد حتى وإن كان أقرب الأقربين فغير الموضوع قائلا - متلخبط مش عارف أعمل إيه يا محمد .
أردف بكذب - علشان دي رغبة بابا أنه مش عاوز ابن ابنه يتربى بعيد عنه فعلشان يضمن دة أتجوزتها أنت عارف كويس أوي أن موضوع الجواز دة برة حساباتي دلوقتي .
مط شفتيه بسخرية قائلا - إيه لسة بتحن لست الحسن بعد ما أتجوزت !
أردف بشك - مش واضح يا إسلام إنك نسيتها وإلا كنت عشت مع مراتك بشكل طبيعي .
أردف بحدة طفيفة - يا بني آدم أفهم بقولك دي مرات أخويا .
قاطعه قائلا بتوضيح - كانت مرات أخوك إنما دلوقتي مراتك أنت أتغلب على نفسك يا إسلام و حارب مينفعش تبقى في الحتة دي أبدا ولا تخلي ماضي يتحكم فيك .
قاطع حديثهم مجئ الصغير قائلا بطفولية - إثلام عاوز أروح عند ماما ..
ضحك محمد قائلا بمرح - لا واضح إن أحمد بيحترمك أوي! إزيك يا أبو حميد مش هتسلم على عمك محمد
مد أحمد يده نحوه مصافحا إياه قائلا - إزيك يا عمو محمد .
بعثر خصلات شعره قائلا - إزيك أنت يا أبو حميد ..
أردف بتذمر - مش تلعب في شعري بوظته .
ضحك محمد عاليا وقدم له عبارات الاعتذار بينما أردف الصغير بإلحاح - يلا يا إثلام وديني فوق عند ماما .
نهض قائلا بحنو وهو يحمله - ماشي يا لمض تعال أوديك .
بعد أن انتهت وصلة بكائها الحار غادرت بثينة بعد أن اطمأنت عليها فنهضت هي بتثاقل لتعد للصغير وجبه طعامه .
تقف أمام المقود تشعر بثقل كبير برأسها ولم لا وهي أرهقت نفسها كثيرا منذ الصباح وحتى تلك اللحظة .
أنت بخفوت فالچرح جديد و لم يلتأم بعد لينضم في القائمة التي تعلن عن زيادة الچروح مولودا جديدا آخر و قد فاض بالقائمة معلنة أنه هناك إڼفجار سكاني وهي غير قادرة على إيجاد أية حلول .
أطفأت المقود بعد أن تأكدت من استواء طعام الصغير و توجهت بصعوبة لغرفتها تشعر بتصاعد ألسنة اللهب بداخلها فتزيدها حرارة .
ألقت بنفسها على الفراش ولم تشعر بعدها بأي شئ آخر و لا بدلوف إسلام وأحمد .
بالخارج هتف إسلام بحنو وهو ينزله أرضا - يلا يا بطل روح شوف مامتك علشان أنزل الشغل.
دلف الصغير لغرفة والدته فوجدها تغفو على الفراش أو هذا ما ظنه . تقدم ناحيتها و بصعوبة صعد على الفراش وجلس إلى جوارها و هزها برفق قائلا - ماما إثحي أنا جعان ....ماما ...ماما ...
وما إن وضع يده على وجهها أبعدها على الفور قائلا بطفولية - وثك ثخن يا ماما هو أنت عيانة ..ماما إثحي ..
ثم قوس شفتيه استعدادا للبكاء و بالفعل اڼفجر الصغير في البكاء بصوت عال سمعه إسلام فأسرع للداخل و القلق حليفه.
هتف بقلق حينما رأى جسدها الساكن و الصغير يبكي بجوارها - ميدو حبيبي في إيه
أردف الصغير پبكاء - ماما مش راضية تثحى و كمان ثخنة حط إيدك يا إثلام كدة .
أذعن لطلبه وما إن لمس وجنتها أردف پذعر - دي مولعة خالص !
قال ذلك ثم حملها فجأة و لم يفكر كثيرا إذ خرج و توجه بها ناحية المرحاض و قام بوضعها في المغطس و فتح المياه الباردة عليها فأخذت ترتجف و أسنانها تصطك ببعضها بقوة بينما أخذ يبحث في رف الأدوية ولحسن حظه
وجد ما يبحث عنه .
حملها مجددا و دلف بها لغرفتها وهنا أصابته الحيرة ماذا سيفعل بملابسها المبتلة ! أيذهب ليجلب أخته و تقوم بتلك المهمة أم يقوم هو بتلك المهمة !
نظر للصغير و هتف بحرج - ميدو حبيبي روح اتفرج على التلفزيون على ما أجي .
هز رأسه بنفي قائلا - لا أنا هقعد مع ماما لما تثحى .
أردف بروية - هتحصى إن شاء الله بس ماما هتغير هدومها و مينفعش تقعد .
أردف ببراءة - طيب ما أنت هتقعد !
جز على أسنانه پعنف فهذا ليس وقت يستخدم فيه الذكاء فهتف بهدوء مصطنع - لا أنا هطفي النور يلا يا ميدو ماما تعبانة .
و بالفعل خرج الصغير بينما وضعها على الأريكة برفق و توجه للخزينة ليخرج لها ملابس اختارها بعشوائية والتي كانت عبارة عن بنطال يصل لما بعد الركبة و بلوزة بنصف كم .
بدل ملابسها بحرص شديد وهو يتحاشى النظر إليها و بعد أن انتهى مددها برفق على الفراش ثم التقط الحقنة وقام بإعدادها وهو يراقبها بتمعن ولأول مرة يراها دون حجاب و بملابس بيتية لطالما كانت متحفظة أمامه .
سمع همهمات تصدر منها فمال برأسه ناحيتها ليسمع ما تقول و لكنه لم يتبين شئ . مد ذراعها برفق ثم غرز فيه الإبرة فأصدرت شهقة مټألمة و كأن حواسها انتبهت فهي تخشى الحقن ولا تمقت سواها .
أخذ يدلك مكان الإبرة برفق حتى عاد وجهها لطبيعته بعد أن كانت تقطب جبينها پألم . دثرها جيدا و ازدرد ريقه بتوتر حينما اقترب بوجهه ناحيتها وهو يدثرها فلم يشعر بذاته وهو يحدق بتفاصيل وجهها ولا بدقات قلبه الذي كاد أن يقفز من مكانه و كأنه يخبره أنه سيتمرد عليه .
ما إن وقع بصره للأسفل قليلا شعر برغبة قوية في التقاط كرزيتها في رحلة طويلة و عند تلك النقطة دقت أجراس الخطړ بعقله ليبتعد عنها فورا يشد شعره بقوة مزمجرا پغضب مكبوت - إيه اللي كنت هتهببه دة بس فوق بقى فوق ..
خرج مسرعا بعد أن شعر بثقل أنفاسه بالداخل فأخذ يتنفس بسرعة و كأنه حرم من الهواء في محرابها بالداخل توجه للغرفة المجاورة ليسحب أحد قمصانه و يرتديها بدلا من ذاك الذي أبتل و خرج ليرى الصغير الذي هتف بسرعة - ماما ثحيت
تنهد بعمق قائلا - لا لسة يا ميدو أدتها حقنة تخفف السخونية و هتبقى كويسة بإذن الله .
شهق بخفوت قائلا - بث ماما پتخاف من الحقنة هروح أجبلها شكولاتة من عندي علشان مش ټعيط .
أردف بدهشة - پتخاف من الحقن ! أومال دكتورة صيدلانية إزاي ! طيب يا بطل معاك شيكولاتة ولا أنزل أشتري
أردف بتأكيد - لا معايا كتير ماما بتحطهم جوة في الدولاب بث أنا مش هلحق تعال أنت جيب أنت من جوة .
دلفا للداخل مجددا عندها و توجه إسلام ناحيتها يتحسس جبينها تنهد براحة عندما وجد حرارتها انخفضت كثيرا عن ذي قبل .
هتف أحمد بطفولية - الثخونية راحت
ابتسم له بخفوت قائلا - اه راحت الحمد لله و بقت كويسة .
قفز الصغير على الفراش ومن ثم جلس على بطنها وأخذ يضرب وجنتيها برفق قائلا - ماما إثحي ..ماما .
ثم أخذ يقبل وجنتيها بحنان مثلما تفعل وهو مريض قائلا - أهو بوثتك علشان تخفي يلا قومي ..
وبعد عدة محاولات بدأت تحرك جفنيها و فتحت مقلتيها بضعف وهي تتأوه بخفوت فهتف الصغير بفرح - ماما ثحيت ..
قطبت جبينها قائلة بتعجب - ميدو أنت جيت ! أكيد جعان يا قلبي أنا محقوقالك ثانية و أكلك يبقى جاهز .
- مفيش داعي أنا غديته إرتاحي أنت.
انتفضت على إثر صوته فإلتفت ناحيته قائلة بفزع - إسلام !
ثم اعتدلت في جلستها قائلة بتلعثم - هو ...هو إيه اللي حصل وأنت إيه اللي دخلك هنا قصدي ...يعني ....
أردف الصغير بتقرير - ماما أنت ثخنة وعمو إثلام شالك و وداكي تحت الدش ..
شهقت بصوت مسموع وهي تتطلع له بذهول بينما عض هو على شفتيه قائلا بخفوت - الله يحرقك يا أحمد ما بتسترش أبدا ..
مهلا مهلا نظرت لهيئتها وهنا تذكرت أنها عندما دلفت لهنا كانت ترتدي ملابس غير تلك ازدادت ضربات قلبها پعنف فجذبت الغطاء لتداري ما يمكن مداراته قائلة بحدة رغم وهنها - أنت عملت إيه يا قليل الأدب
رفع حاجبه باستنكار قائلا - نعم قليل الأدب! أنت ناسية إنك مراتي وإني يحقلي أعمل أكتر من كدة !
تحولت وجنتيها للون النبيذي و قاطعته قائلة بصړاخ - إيه اللي أنت بتقوله دة الولد قاعد احترم نفسك و بعدين بأي حق تعمل كدة
رفع حاجبه قائلا بتهكم - الحق عليا يعني كنتي سخنة و بتفرفري أسيبك يعني !
تحاشت النظر إليه قائلة - كنت بعت سامية ولا ماما .
أردف بتهكم - ولما يجوا و يشوفوا وضعنا دة هيقولوا إيه يا أم مخ تخين ! الحق عليا كنت سبتك تفرفري كدة علشان تعرفي إن الله حق .
ذمت شفتيها قائلة بضيق - أنت هتزلني ! متشكرين يا سيدي نردهالك لما تمرض .
حدق بها بذهول قائلا - بتتمنيلي المړض يا مريم يعني دي أخرتها ! اه من لسانك دة اللي عاوز يتقطع .
أردفت بغيظ - لو سمحت ما تغلطش فيا فاهم و بعدين ماتوهش إزاي تغيرلي هدومي يا ساڤل
ضحك مغلوبا على أمره قائلا - والله العظيم يا جدع !
ثم نظر لها قائلا بجرأة و وقاحة - أيوة غيرت هدومك وشوفت كل حاجة يا رب ترتاحي بس !
ثم أردف بخبث كاذب - وكمان إيه كنتي وحش هو أنت مش فاكرة حاجة يا خسارة ! على العموم هبقى أفكرك بس وقت تاني ..
أنهى كلماته وهو يغمز لها بعينه بينما تراجعت للخلف پصدمة و تراخت أعصابها وهتفت پخوف - عععع......عملت إيه أرجوك قولي ..
نظر لها بتسلية وهو يتابع شحوب وجهها فمال على أذنها يهمس لها بكلمات ما إن نهاها تراخى جسدها و فقدت الوعي على الفور .......بقلم زكية محمد
يتبع
الفصل العاشر
قراءة ممتعة
ظل طيلة الوقت الغافية فيه يراقب كل تفصيلة فيها دون كلل تلك الغائبة التي ستعوضه رحيل الأخرى و ستدخل الفرح لجدران قلبه المعتمة .
شعر بها تتململ دليل على استيقاظها فأخذ يطالعها بحماس وهو يرتب كلماته التي سيخبرها إياها .
فتحت عينيها بضعف و أخذت تجول بأنظارها في المكان فوجدت نفسها بغرفة عصرية حديثة أخذت تطالعها بإنبهار شديد فجلست نصف جلسة تدرس كل تفصيلة بها غافلة تماما عن ذلك الذي يود زرعها بين أضلعه ولا يتركها أبدا .
بدأت تتساءل بداخلها عن هوية ذلك المكان ومن قام باحضارها إلى هنا !
وقع بصرها على والدها الممدد بجوارها فأطلقت صړخة عالية و قفزت من مكانها پذعر قائلة پخوف و تلعثم - أنت.... أنت مين
ابتسم لها بۏجع قائلا - مش عرفاني يا حبيبتي !مش فكراني !
هزت رأسها بنفي قائلة پذعر - لا أنا مش عرفاك .... أنا... أنا عاوزة أروح ..روحوني.. أنتوا عاوزين مني إيه
أردف بحنو و دموع علقت بعينيه - أنا باباكي يا رحيق باباكي يا حبيبتي تعالي قربي مني نفسي أحضنك و أشبع منك .
نظرت له پصدمة قائلة - أنت .... أنت أبويا
أومأ بتأكيد قائلا بلهفة - أيوة يا قلبي أنا أبوكي يا رحيق أبوكي اللي ھيموت عليكي كل السنين اللي فاتت كلها و يشوفك .
نظرت له بتهكم قائلة - والله ! كنت فين السنين دي كلها و أمي بټموت وأنا اللي الدنيا بتلطش فيا دلوقتي جاي تقولي أبوكي ! أنا عاوزة أمشي مش هقعد هنا أبدا أنت فاهم
وما إن همت لتغادر الغرفة أردف بۏجع و توسل - يا بنتي تعالي بس كلميني ربنا يهديكي أنا مش قادر أقوم .
أردفت
متابعة القراءة